فيض الخاطر / مطية حقوق الإنسان!
سالم خضر الشطي
«كلما زاد التردّي.. زاد عندي التحدي» العم خالد عيسى الصالح.
*
مع سقوط بغداد في العام 2003، وانتشار السرقة وقتل «البشر» وتبعات غزو العراق، لفت نظري آنذاك «القلق» الذي أبدته منظمات حقوق الحيوان الدولية على الحيوانات التي كانت تعيش في حديقة الحيوان، وفي قصور صدام، من نفوقها بسبب احتمال عدم توفر طعام لها، أو أن يقتلها البشر ليأكلوها من الجوع!!
في حين تصمت منظمات حقوق الإنسان على الانتهاكات المتكالبة على «الإنسان» في الدول الإسلامية، في تناقض واضح وانعدام حيادية بيّن! والسبب طبعا أن هذا «الإنسان» المُعتَدى عليه مسلم، ابتداء من فلسطين المحتلة ومرورا بسلسلة الدول الإسلامية العربية وغير العربية حتى يومنا هذا!
وفي مثل هذه الأيام قبل 65 عاما، وتحديدا بعد الحرب العالمية الثانية، اجتمعت الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة وأقرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بموافقة 48 دولة، وامتناع 8 دول من بينهم السعودية، في فترة تقل عن سنتين من الدراسة والبحث، وفي وقت كان العالم فيه يسعى للتوصل إلى خلفية مشتركة بشأن ما ينبغي له أن يشكل جوهر الوثيقة يعد مهمة بالغة الضخامة، ويقع في ثلاثين مادة تعد مشروع اتفاقية منع ومعاقبة جريمة إبادة الجنس البشري، تناولت الحقوق الفردية والشخصية، وعلاقات الفرد بالمجتمع أو بالدولة، والحريات العامة والحقوق الأساسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ونادت الجمعية العامة بهذا الإعلان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها، كما جاء في ديباجته.
واستغلت الدول الغربية هذا الإعلان لتجعله «مطية» تدخل من خلالها في شؤون الدول الأخرى، وخصوصاً الإسلامية، وتستغله للضغط عليها حينما تقف في وجههم في موضوع ما، أو لا تسير وفق أهوائهم، فأفقدت هذا الإعلان مصداقيته، وشفافيته! خصوصاً مع وجود ما يسمى بحق «الفيتو» المُجحف- الخاص بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، فلا يضر من « حبته عينهم » أي انتهاك يرتكبه لحقوق الإنسان طالما أنها ستكون عن كل عيوبهم كليلة!
ورغم أن الإعلان جاء موافقاً في مجمله إلى ما تنادي به الشريعة الغراء، إلا أنه تضمن مواد تناقض الإسلام وتعد «طواما»، منها النقاط الأربع المشهورة «بما يتعلق بالإعدام، والمساواة التامة بين الرجل والمرأة، ومسألة التبنّي، وحرية الرأي والمعتقد».
حتى جاء إعلان القاهرة (1990) لحقوق الإنسان في الإسلام، الذي أقره مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي، فاحتوى على 25 مادة إنسانية مقتبسة من الشريعة الإسلامية، وكانت مادته الأخيرة تنص على «ااھ اايدأوأيدةاد هذه الو».
ومع ذلك فلم نسمع أي تطبيق أو تبنٍ فعلي لهذا الإعلان المبارك على أرض الواقع، اللهم إلا جمعية المقومات الأساسية لحقوق الإنسان -الكويتية- التي استطاعت إثبات وجودها مع حداثة سنها، ولكن المطلوب أكثر بكثير من ذلك.. المطلوب تعزيز وتعليم هذه المبادئ لأبنائنا وتدريسها في مؤسساتنا التعليمية فمصدرها كتاب الله وسنة النبي، وهي خالية من التناقض الموجود في الإعلان العالمي.
*
برودكاست:
حياة ووفاة نيلسون مانديلا تثبت عدم حيادية الغرب في رفعه لواء حقوق الإنسان، فإن كان مانديلا سجن 27 عاماً بسبب نضاله، فقبله سجن الشيخ عبدالله هارون 30 عاما حتى توفي مناضلاً ضد العنصرية، فمسلمو كيب تاون في جنوب أفريقيا كانوا يعانون الاضطهاد بأشنع صوره، وسامهم الهولنديون وغيرهم أصناف العذاب، ولكن السبب بسيط في عدم تسليط الضوء عليهم ولا على الشيخ هارون.. إنه الإسلام الذي كانوا يدينون به يا سادة، فهل من مدكر؟!
Twitter: @slm_alshatti
أضف تعليق