أقلامهم

عبدالله تقي: هل ستحاسبون الحكومة فعليا لو انتهت صلاحية القانون تجنيس الـ”4000″؟

الطبابيخ و«دملّة البدون»
بقلم: عبدالله تقي
من البديهي أنه مهما بلغت لذة «طبخة» ومهما تفنن الطباخ في مزج المقادير فإنها إن لم تجد طريقها إلى بطون الجياع فمآلها أن «تعفن» وترمى في سلة المهملات، حال مثل هذه «الطبخات» يشبه كثيرا من القوانين التي يشرعها مجلس ا?مة، أو «مطبخ القوانين» كما وصفه الراحل علي المفيدي في المسرحية السياسية الساخرة (حامي الديار)، فـ «طبابيخ القانون» لدينا يتفننون في إصدار التشريعات حتى لم تكد تفتهم شاردة أو واردة إلا وشرّعوا لها قانونا بغض النظر عن رأينا في تلك القوانين. وقد يتفق الكثيرون أن مشكلتنا في هذا البلد ليست غياب القانون بل العلة في تطبيقه، وهو ما يعني أنه مهما كان القانون ممتازا وصياغة بنوده محبوكة فمادامت لم تجد اليد التي تطبقها فلن تساوي الورق الذي كتبت عليه.
ولعل المثال الحي لمثل هذه القوانين هو ما يعرف بقانون تجنيس
الـ «4000» من البدون لعام 2013 الذي شرعه المجلس المبطل الثاني في مارس الماضي والذي تنتهي صلاحيته بعد أيام قليلة، هذا القانون الذي وصفه وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الصحة الشيخ محمد العبدالله عقب إقراره آنذاك بأنه «ثمرة من إنجازات المجلس الحالي» وأن الحكومة «ستولي اهتمامها بشأن قضية البدون».
تسعة شهور مضت يا معالي الوزير وما زالت هذه الثمرة معلقة لم تجد من يقطفها حتى صرنا نخاف من أن ينخرها الدود فلا تعد صالحة للاستهلاك. بل لم نر خطوة جادة من حكومة سمو الشيخ جابر المبارك توحي بأنها فعلا مهتمة بحل قضية البدون كما صرح الوزير العبدالله، وليس هذا با?مر المفاجئ، وكيف لها أن تهتم وهي تشعر بأن مثل هذه القوانين دائما ما تسبب لها «الحارج»، فلو عدنا بالذاكرة قليلا إبان «طبخ القانون» إياه لوجدنا كيف استماتت الحكومة للوقوف دون إقرار القانون بصيغته الأولى ـ أي تجنيس ما لا يقل عن 4000 ـ حتى تمكنت وبمساعدة بعض «طبابيخ القوانين» المحسوبين عليها من تحويله إلى (ما لا يزيد عن 4000) ناهيك عن جهودها من خلال بعض وزرائها في عدم تشكيل لجنة برلمانية تختص بشؤون البدون.
المماطلة الحكومية في علاج «دملّة البدون» كما وصفها النائب سيد عدنان عبدالصمد ليست بالغريبة، لكن المستغرب هو تهاون النواب في علاجها. فالسيد عدنان افتتح عضويته في المجلس الحالي بحزمة أسئلة حول هذه القضية وقانون الـ 4000 تحديدا، تلاه عدد من النواب مؤخرا مستنكرين تسويف الحكومة لتطبيق القانون المذكور، لكن هل هذا يكفي أيها السادة النواب؟ هل ستحاسبون الحكومة فعليا لو انتهت صلاحية القانون أم أنها ستكون محاسبة شكلية لا تتعدى حدود التهديد والوعيد والاستجواب الصوري كما فعل بعض الأعضاء سابقا؟
لقد شبع الشعب من رائحة «طبخ القوانين» وصار ينتظر متى يراها على «بوفيه التطبيق» بشرط أن يكون «بوفيها مفتوحا» يسري التطبيق فيه على الجميع، وإلا بدل «دملّة بدون» واحدة فسنكون على موعد مع «دمامل» أخرى لا نعلم متى تنفجر، وإن انفجرت فلن تبقي ولن تذر، فحاسبوا قبل أن تحاسبوا!