أسفار
رقابتنا ورقابتهم..!
الاسم: سعدية مفرح
في إطار الحملة التي يشنها كثير من المثقفين والكتاب والصحافيين في الكويت ضد رقابة معرض الكتاب كل عام، يحلو لنا دائما أن نقارن، بوجع ممزوج بالإعجاب، بين أحوال الرقابة على الكتب في الكويت وما جاورها من البلدان الخليجية، التي تتشابه معها كثيرا في الظروف الاجتماعية والثقافية أيضا، ثم مع بقية البلاد العربية الأخرى.
والمفارقة التي نتذكرها ونعلنها دائما في سياق تلك المقارنة أن الكويت، التي تتمتع بهامش أوسع قليلا في الحريات العامة والسياسية أيضا مما تتمتع به البلاد المجاورة، إلا أن رقابتنا على الكتب هي الأقسى على الصعيد العربي وليس الخليجي وحسب.
ما زال رقيبنا يعمل ألف حساب وحساب قبل أن يضع توقيعه على الورقة التي تفيد بالسماح لكتاب معين بدخول معرض الكتاب، وما زال الناشرون والمؤلفون والقراء يعانون من تردد هذا الرقيب، الذي يتصرف غالبا من دون أن يملك أسسا ومعايير واضحة يعتمد عليها، وهو يطلع على الكتب المعروضة أمامه ليقرر مصيرها أخيرا إما بالرفض أو القبول.
صحيح أن في الكويت قانونا للمطبوعات، ولكن العجيب أن الرقيب غالبا لا يطبق هذا القانون الذي لا يعجبنا أصلا، وكثيرون منا كمؤلفين وكتاب وقراء نحتج على كثير من مواده، ولكننا نطلب الآن على الأقل أن يطبق، على علاته، بشكل عادل بدلا من الازدواجية والعشوائية السائدتين حاليا.
حسناً.. هذا ما نقوله نحن ككتاب وقراء في الكويت.. ولكن ماذا عن الرقابة في معارض الرياض، وأبوظبي، والدوحة، والشارقة والبحرين، ومسقط؟
ثم ماذا عنها في معارض بقية البلاد العربية؟
ماذا عما يقوله الكتاب والقراء في تلك البلاد ممن يرتادون معارض الكتب عاما بعد عام في بلدانهم وربما بلدان أخرى؟
معظم من اشتكى من رقابتنا الكويتية قارنها بالرقابات العربية الأخرى، وخلص إلى نتيجة مفادها أننا الأسوأ، وأنا من هؤلاء نتيجة عدة خبرات عاينتها بنفسي، لكن تعليقات الزملاء العرب على ما نكتبه ونقوله تقول لنا عكس ذلك، فكل واحد منهم يرى أن رقابة بلاده على الكتب هي الأشد. والأمور نسبية بالتأكيد، وما يسمح به في بلد قد يمنع في بلد آخر، والعكس صحيح، لكن النتيجة واحدة.
الأغلبية متبرمة مما وصلنا إليه على صعيد الرقابة، وخصوصا في ظل واقع إلكتروني يكاد يسمح بكل شيء تقريبا عبر وسائل متاحة للجميع. وكل من كتب في هذا الأمر مستاء من الرقابة على الكتب، ختم أقواله بالتساؤل عن جدوى الرقابة ومدى فعاليتها الحقيقية في ظل وجود الانترنت، وما يتيح من خيارات أوسع بكثير مما كنا نحلم به، وأوجع مما كان يتخيله الرقيب وما ومن وراء الرقيب، وهذا تساؤل يصلح أيضا لختام مقالنا هذا!
سعدية مفرح
أضف تعليق