أقلامهم

بدر الديحاني: المراهنة على عامل الوقت لحل المشاكل الاجتماعية- السياسية فهي حيلة العاجز أو الضعيف.

الخروج من الأزمة 
 
كتب المقال: د. بدر الديحاني (dai7aani@gmail.com) 
تعوّل بعض العناصر والأطراف السياسية على حكم المحكمة الدستورية الذي يصدر اليوم مع أن الحُكم لن يغير في الأمر شيئاً، فالأزمة السياسية الخانقة ستستمر بغض النظر عن منطوق حكم “الدستورية” لأن حلها الجذري كما كتبنا في هذه الزاوية أكثر من مرة لن يكون إلا من خلال إصلاحات سياسية وديمقراطية شاملة يترتب عليها تغييرات جذرية في آليات المشاركة الشعبية في إدارة الدولة والمجتمع.
فالمعادلة السياسية الحالية التي تم التوافق عليها قبل أكثر من نصف قرن لم تعد صالحة اليوم، ليس لأن مجتمعنا قد مرّ خلال العقود الخمسة الماضية بتغيرات اجتماعية عميقة يجب أن تنعكس سياسياً فحسب، بل لأن آلية المشاركة السياسية تعرضت أيضاً منذ إقرار الدستور لتجاوزات صارخة، من قبل السلطة، أدت إلى تشويهها وإضعاف فعاليتها، وكان آخرها الانفراد بتعديل النظام الانتخابي، وهو الأمر الذي أنتج مجلساً شكلياً باعتراف أعضائه ومؤيديه ليس له دور رقابي ودوره التشريعي متوقف كلية على ما تريده الحكومة.
وحيث إن المشكلة الرئيسية التي سببت هذه الفوضى السياسية التي نعانيها الآن هي عدم التزام أحد أطراف المعادلة السياسية، وهو السلطة، بالقواعد العامة التي تحكم “اللعبة السياسية ” كما نص على ذلك الدستور، فإنه لا مخرج حقيقياً من الأزمة السياسية المستمرة إلا بالاعتراف بذلك أولاً… فالاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى لحلها.
وبعد ذلك يفترض أن تبادر السلطة إلى تقديم مشروع سياسي جريء يعيد الصراع السياسي إلى قنواته الدستورية الطبيعية بدلاً من إجبار “المعارضة” على الاحتكام إلى الشارع لحسم الصراع،  حيث إن للشارع “قوانينه وآلياته ونتائجه” التي من الصعوبة بمكان التنبؤ بها أو التحكم فيها، خصوصاً أن الصراع السياسي في هذه الحالة سيكون بين الشعب والسلطة مباشرة.
أما المراهنة على عامل الوقت لحل المشاكل الاجتماعية- السياسية فهي حيلة العاجز أو الضعيف، إذ كلما استمرت الأزمة الاجتماعية- السياسية الخانقة ازدادت تعقيداً وصعب حلها، فالظروف المحلية والإقليمية والدولية متغيرة باستمرار ولن تتوقف بانتظار العاجزين والضعفاء.
وبالرغم من أن أحكام المحكمة الدستورية لها انعكاس مباشر على القضايا السياسية فإن الحل السياسي السليم يجب أن يطرح من قبل السياسيين ويكون حوله توافق وطني، ومن حسن الحظ أن لدينا أساساً قوياً للتوافق الوطني، وهو دستور 1962 الذي من الممكن تعديله من أجل استكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية متى ما كانت موازين القوى لمصلحة عملية التغيير المدني- الديمقراطي.