كتاب سبر

تسريحة الوليد بن طلال

من يتابع الجدل حول الاتفاقية الأمنية بين دول الخليج ويستمع لحجج مؤيدي الاتفاقية بأنها سوف تدعم التعاون الأمني بين دول الخليج قد يتصور أن هذا “التعاون” غير موجود، وأن أجهزة المخابرات الخليجية تنتظر الاتفاقية الأمنية لتتبادل المعلومات فيما بينها، وأن ما يمنعها من ذلك هو احترامها للدساتير والقوانين التي لا تجيز ذلك، رغم أن الجميع يعلم أن غالبية الدول الخليجية لازالت تُحكم من دون دستور. الكل يعلم أن أجهزة مخابرات الدول الخليجية تتبادل المعلومات عن المواطن الخليجي وتعلم حتى مقاس حذاءه ونوعية معجون الأسنان الذي يستخدمه، ولكن بعض الأنظمة الخليجية وصلت من الصفاقة والوقاحة إلى درجة تجاوزت معها مرحلة “إذا ابتليتم فاستتروا” إلى حد “شرعنة” ذلك بصورة معلنة، وطبعاً ليس هم هذه الأنظمة من وراء “التعاون الأمني” حفظ أمن المواطن الخليجي وضمان كرامته، بل همهما الأول والأخير حفظ أمن العروش الملكية التي أصبحت تشعر بأن النار قد بدأت تدنو من أطرافها.
إضافة إلى شرعنة الاتفاقية الأمنية في مادتها السادسة تبادل المعلومات الشخصية لمواطني دول الخليج بحيث تصبح كل خصوصيات المواطن الخليجي ومنها المواطن الكويتي بالطبع متاحة لكل مخابرات دول الخليج “الديمقراطية”، بالإضافة إلى ذلك تتجاوز وقاحة الاتفاقية الأمنية في مادتها السادسة عشر لتصل إلى حد تسليم “المتهمين” للدولة الطالبة، وهذا يعني أنك أينما كنت في دولة خليجية يمكن أن تُسجن لعشرين سنة دون محاكمة في السعودية لأنه لم تعجبك تسريحة شعر الأمير الوليد بن طلال، فضلاً عن أن تعبر عن رفضك لدخول القوات السعودية للبحرين، ولك أن تتصور مصيرك إذا عرفت أن 4400 سجين سياسي في سجون المباحث السعودية مازالوا يقبعون فيها دون محاكمة لأكثر من 10 سنوات (الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية)، وعلى نفس المنوال يمكن أن تعاقب في قطر لأنك انتقدت الشيخة موزة المرأة القوية في قطر أو حتى لو سخرت من كون غالبية لاعبي المنتخب القطري من المتجنسين، كما يمكن أن تعاقب بالسجن 15 سنة في البحرين باعتبارك مارق وخارج عن الملة لأنك انتقدت بقاء رئيس الوزراء البحريني في منصبه لأكثر من 43 سنة.
الاتفاقية الأمنية أصبحت حديث الشارع الكويتي لأن مجلس الأمة يفترض أن يناقش إقرار الاتفاقية الأمنية في جلسته القادمة، ورغم إعلان عدد من النواب رفضهم الصريح للاتفاقية لتعارضها مع الدستور الكويتي فإن من الواضح أن الحكومة لا تحتاج سوى إلى أصوات 17 أراجوز لتمرير الاتفاقية، وفي مجلس الأمة الحالي من الأرجوزات ما يتجاوز هذا العدد بكثير، وهذا يعني أن الاتفاقية سوف تقر مثل “شربة المية” في مجلس الأمة، وعندها على المواطن الكويتي أن يدقق في كل كلمة يكتبها على التويتر لأنها قد تقوده إلى سجن “الحائر” مباشرة.
 
@salahfadly