كتاب سبر

قمم … قمم معزى على غنم

أكثر من خمسين سنة والقمم العربية تنعقد بصورة مستمرة ويطبل لها الإعلام العربي بأنها قمة “التفاؤل” أو قمة “التحديات الكبيرة” أو قمة “القدس قضيتنا” وتبدأ القمة بكلمات لا طعم ولا لون ولا رائحة لها من قبيل “إن أمتنا العربية تمر بظروف بالغة التعقيد والحساسية مما تستدعي التكاتف والتعاون”، وهكذا منذ خمسين سنة والقمم العربية تعاني من الحساسية، ولم نر يوماً تكاتفاً أو تعاوناً بل تأمراً وتباغضا. في كل قمة يتسابق وزارء الخارجية والإعلام للحديث عن “تنقية الأجواء العربية وإزالة الخلافات بين الأخوة” ولكن على العكس منذ ذلك تنتهي كل قمة عربية بمزيد من الخلافات، وفي كل قمة لابد من أن ينسحب هذا الرئيس أو ذاك الوزير أو تحدث مشادة كلامية لا تخلو من الشتائم بين من يفترض بهم أن يكونوا رؤساء دول ولكن في الحقيقة فإن تصرفاتهم لا تعدو كونها تصرفات أطفال، وفي كل قمة كان المواطنون العرب ينتظرون فاصل فكاهي من هذه المشاهد بين “القادة” العرب وخاصة إذا كان “الفقيد” معمر القذافي حاضراً.
القمم العربية في حقيقتها مجرد عرض أزياء لأفخر أنواع البشوت والبدلات والولائم الباذخة والقاعات الملكية الفاخرة وبشكل خاص عندما تقام “القمة” في دولة خليجية حيث تبدو هذه الدولة وكأنها أم لعروس في ليلة زفافها تريد أن تظهر أبنتها أمام الضيوف في أحسن صورة، وليس مهماً عندها ما يحدث بعد ذلك لأن جل همها “شراح يقولون عنا الناس”. إذا كانت الخلافات و”الهواش” صفة دائمة للقمم العربية بين الدول التي بينها مشاحنات وخلافات فيبدو أن العدوى أنتقلت في قمة الكويت إلى البيت الخليجي ذاته، فعلاوة على أزمة سحب سفراء السعودية والبحرين والإمارات من قطر فإن الدول الثلاث تبدو غاضبة من الكويت أيضاً لأنها لم تنضم إلى هذه الدول في سحب سفيرها من قطر فقامت بتخفيض مستوى تمثيلها الدبلوماسي في القمة، فوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل والإماراتي عبدالله بن زايد لم يحضرا إجتماع المجلس الوزاري، في حين سترسل البحرين ولي عهدها بدلاً من الملك، أما الإمارات فلم تكلف نفسها حتى في إرسال محمد بن راشد أل مكتوم بل سترسل حاكم أم القيوين ليرأس الوفد الإماراتي.
ماذا تريد السعودية والبحرين والإمارات من الكويت؟ هل يريدون من الكويت أن تسايرهم في ثورة الغضب العارمة التي يمرون بها من تصرفات قطر؟ إذن أين حديثكم عن الأخوة الخليجية والمصير المشترك وبقية “الكليشهات” الجاهزة التي صدعتم بها رؤوسنا لعشرات السنين رغم أننا كنا نعرف أن بينكم “ما صنع الحداد”، ولكن على الأقل “إذا ابتليتم فاستتروا”. إذا كان هذا هو حال القمم العربية فهل نلوم مظفر النواب على وصفه القمم العربية بقوله “قمم … قمم معزى على غنم”.
 
salahma@yahoo.com
@salahfadly