كتاب سبر

عيني زمال أفندي

يروى أن “الحصني” وهو الثعلب خرج يوماً للصيد يبحث عن دجاجة أو ديك يتقوت به، فلم يسعده الحظ بذلك، فأمضه الجوع وأضناه التعب، فرآى أن يُعمل الحيلة للحصول على رزقه، وكان ملك تلك الغابة أسداً عجوزاً أدركته الشيخوخة، فانهكت قواه، فقصده الثعلب، وقال له: “يا ملك الوحوش … تره أحسن دور إلك قلب الزمال … ودماغه … ولسانه … وآني شفت بطريقي زمال أثول أغبر … نايم بالطريق … فلو جنابك توصل يمه … تقدر تصيده بضربة واحدة … وتاكل منه اللسان والقلب والمخ، واللشة للداعي”، فصدق الأسد كلام الثعلب وجمع ما تبقى له من قوة ومشى مع الحصني نحو مكان الحمار، ولما لم يكن عند الأسد من القوة ما يمكنه من مهاجمة الحمار والقضاء عليه فقد رآى أن يأتيه من خلفه ويأخذه على حين غرة منه، ولما وصل الأسد خلف الحمار أحس به الحمار فجمع حافري رجليه إلى بعضهما ورفس الأسد فأصابه في جبهته، فسقط الأسد على الأرض مغشياً عليه، ولما أفاق من غشيته سمع الحصيني يقول للحمار: “عيني زمال أفندي … ترى إنت زين سويت … عاش حافرك على هالرفسة المضبوطة، وتره أنت عندك صوت ظريف … وطبع لطيف … وقوام جميل”، فصاح به الأسد: “ولك حصيني … ملعون … شنو هاللغوة؟ … وشنو هالتملق”، فأجابه الثعلب: “مولانا الأسد (الناس … ويه الواقف) ولمن يوقع الواقف يدورون على واحد واقف غيره … ويصيرون وياه). 
المثل السابق ينطبق على كثير من النواب الذين صوتوا مع شطب إستجواب رياض العدساني وعبدالكريم الكندري وحسين القويعان، فهم ببساطة يعملون على طريقة الحصني “مولانا الناس ويه الواقف”، والواقف اليوم وملك الغابة الحالي هو رئيس الوزراء جابر المبارك، ولو جاء ملك غابة جديد ستجدهم بلحظة واحدة يغيرون ولائهم ومستعدين أن يقولوا له “سمو زمال أفندي”، ولا أدل على ذلك أن كثيراً ممن يقف اليوم مع جابر المبارك كخط دفاع مستميت كانوا ضمن خط دفاع فريق ناصر المحمد، وبالتالي هم لاعبون محترفون يلعبون للفريق الذي يدفع لهم أكثر، فهذه هي مهنتهم ومصدر رزقهم ولا ينبغي لأحد أن يلومهم على ما فعلوه، ولكن اللوم على الناس الذين انتخبوهم.
في جلسة مناقشة الاستجواب سمعنا كلمات وشهدنا مواقف من “نوائب” وأعضاء كتلة “إلا سمو الرئيس” تدل على مدى الإخلاص والحماسة في الانتصار “للدستور وحكم المحكمة الدستورية” ولملك الغابة حتى قال قائلهم نحن معك يا ملك الغابة ولكن فكنا من عيال عمك، ولولا بقية من حياء لهتفوا “بالروح بالدم نفديك يا جابر”. إذا كان أعضاء كتلة “إلا سمو الرئيس” بهذا التفاني والإخلاص وكانوا مستعدين ليس لشطب الاستجواب فحسب بل مستعدون لشطب الدستور ككل من أجل عيون ملك الغابة فلماذا نستغرب أن يرفع ملك الغابة لهم العقال ويعطيهم “لشة” من هنا و”لشة” من هناك، وإذا كان هذا هو حال ملك الغابة ونواب الغابة فهل لنا أن نستغرب حال الغابة المايل. “هيجي نواب ينراد لهم هيجي رئيس، وهيجي رئيس ينراد له هيجي نواب”، ويعيش “زمال أفندي”.