كتاب سبر

نواب الشيعة وعباءة الحكومة

في عام 2011 وعندما كانت كتلة “الأغلبية المبطلة” في أوج قوتها واستطاعت حشد أعداد كبيرة في التجمعات التي أقيمت في ساحة الإرادة والتي كانت تطالب بإسقاط حكومة الشيخ ناصر المحمد ومجلس 2009 ونجحت بالفعل في ذلك كانت الغالبية الساحقة من نواب الشيعة ضد هذا الحراك، ووقفوا دوماً سداً منيعاً أمام محاولات إسقاط حكومة الشيخ ناصر المحمد، وكان تبريرهم لذلك أنهم يعلمون بضعف وفشل أداء الحكومة ولكنهم يتخوفون من أجندات المعارضة والمخطط الذي ترمي له، وكانت الفزاعة الجاهزة أن عدداً ليس بقليل من شخوص كتلة “الأغلبية” لهم موقف عقائدي سلبي من الشيعة، وكان مزاج الشارع الشيعي بشكل عام مؤيد لمواقف نوابه، وتم إختصار هذا الموقف بمقولة “نار الحكومة ولا جنة المعارضة”.
الأن وبعد تفكك كتلة المعارضة وتلاشي قوتها إلى حد كبير ومقاطعتها لمجلس الأمة بدأ مزاج الشارع الشيعي يعبر عن تململه وسخطه على أغلبية نوابه ولسان حاله يقول إذا كنا دعمنا موقفكم من الدفاع عن الحكومة في الفترة السابقة خوفاً من مخططات المعارضة المعادية للشيعة ولتحقيق “الاستقرار السياسي” فها هي المعارضة قد ضعفت وتلاشت فلماذا تستمرون في لبس عباءة الحكومة والدفاع عن رئيسها برغم سوء أداءها الفاضح وتفشي الفساد الحكومي وسوء الخدمات، وهم بذلك يعيبون على هؤلاء النواب عدم ممارستهم لدورهم الرقابي في محاسبة الحكومة، وأصبح من الشائع جداً إتهام غالبية نواب الشيعة بأن لهم مصالح شخصية مع الحكومة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولعل حادثة إعلان النائب عبدالله التميمي عن تلقيه أموال من رئيس الوزراء وقوله بأن غالبية نواب الشيعة يتلقون أموال من رئيس الوزراء رسخت هذه القناعة لدى شريحة واسعة في الشارع الشيعي.
ما يزيد من حالة السخط داخل البيت الشيعي على نوابهم أن هؤلاء النواب ورغم إنسجامهم مع الحكومة والدفاع عنها في كثير من المواقف لم يحققوا من خلال ذلك مكاسب يرونها مستحقة للطائفة تستحق الوقوف مع الحكومة الوقفة التي أنقذتها من السقوط مرات عديدة سوى مصالح خاصة تحققت لهؤلاء النواب، بل على العكس من ذلك لم تحفظ السلطة للجمهور الشيعي هذا الجميل، بل أغدقت عطاياها على حلفاءها التقليديين من كبار التجار، وبذلك يكون الشيعة قد نالوا من السلطة “جزاء سنمار”، وهذا يثبت مقولة أن “الحكومة ما لها صاحب”، ولعل هذا الحال يدفع الشارع الشيعي لإعادة التفكير في النصيحة التي وجهت لهم بألا يضعوا “كل بيضهم في سلة الحكومة”.
خلاصة القول أن المزاج الشيعي بدأ يتماهى مع المزاج الشعبي العام الساخط على الوضع السياسي ككل وفي مقدمته المجلس والحكومة ويرفض أن يعيش في عباءة الحكومة، وربما يكون لهذا التماهي دوراً مهماً في تغيير ملامح المشهد السياسي في الفترة القادمة والله أعلم.