كتاب سبر

أأيقاظ بنو أمية أم نيام … (2)

كنا قد تطرقنا في الجزء الأول من المقال إلى التصريح المشين والاستفزازي للقائد السابق للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري الحالي للمرشد علي خامئني بشأن الحدود الجديدة لإيران ، وبينا أنه يمثل سياسة ومخطط النظام التوسعية والإستعمارية . كما أوضحنا استراتيجية النظام الإيراني في محاولته للهيمنة على منطقة الخليج العربي. والراصد لسياسة النظام الإيراني يلحظ أنه قد استغل تضعضع الموقف الأمريكي في الآونة الأخيرة ، والإتفاق الغربي حول قدرة النظام النووية ، وغض المجتمع الدولي النظر عن عبثه وجرائمه في العراق وسوريا واليمن ، قد استغله في الانتقال من مرحلة العمل السري والديبلوماسية إلى مرحلة استعراض العضلات والمجاهرة في النوايا ، في وتيرة تدعو للقلق والحذر وأخذ الحيطة. 
إن النظام الإيراني لا يعمل من فراغ ولا يقتات على أجواء الأمنيات والأحلام ،  بل يتعامل بذكاء مع معطيات الواقع ، فهو يجند كل طاقاته البشرية وإمكانياته المادية ودهائه الدبلوماسي وتفوقه العسكري لبلوغ مرامه في صبر وتؤدة . وعلى هذا المنوال استطاع أن يستدرج المجتمع الدولي للإعتراف بإيران كقوة إقليمية لا يستهان بها، والرضوخ لطموحاتها النووية ونزعتها التوسعية. هذا هو واقع إيران اليوم ، بينما الوضع على الضفة الأخرى من الخليج العربي يزداد سوءا وتعقيدا في ظل الخلافات والأزمات المتأرجحة بين أعضاء منظومة مجلس التعاون ، والتي بلا شك تخدم مشروع النظام الإيراني في المنطقة ، الذي لا نستبعد ضلوعه في إذكاء هذه الخلافات والدفع بالوقيعة بينهم. 
إن استمرار مراهنة دول مجلس التعاون على موقف صارم للمجتمع الدولي  تجاه أطماع وتهديدات إيران أصبحت غير مجدية ، لا سيما  في ظل المتغيرات والتحولات الإقليمية والدولية ، وبعد نجاح إيران في اختراق وإفشال الحظر والعزل الدولي لها. 
إزاء هذا المشهد السياسي البالغ التعقيد وهذه المعضلة الخطيرة فإن خيارات دول مجلس التعاون محصورة في التعامل مع الملف الإيراني بجدية وحزم كمنظومة واحدة متكاملة الأركان ، فلغة الدبلوماسية والمداهنة والتودد لا ولم يستوعبها النظام الإيراني.  وبالطبع هذا يقتضي بذل المساعي الحثيثة وتظافر الجهود لتقريب وجهات النظر وحسم الخلافات واجتماع الكلمة وتوحيد الصف ، فنحن جميعا في سفينة واحدة تمخر عباب محيط هائج . 
د جاسم الفهاد
25 مايو 2014