كتاب سبر

“ليتني كنت بقرة”

لم يكد المواطن الكويتي يفيق من صدمة اعتماد ميزانية لبناء قفص (بيت) للفيل بقيمة نص مليون دينار وميزانية أخرى لقفص (بيت) للشواذي بقيمة ربع مليون دينار، لم يكد المواطن الغلبان الباحث عن سكن يفيق من هذه الصدمة حتى عاجلته حكومتنا الرشيدة “بطراق معتبر” بتخصيص مساحة 14 مليون متر مربع لتربية الأبقار، وكأني بالحكومة بعد هذا القرار تخرج لسانها ساخرة من طالبي السكن ولسان حالها يقول “موتوا حرة، غصبن عليكم، أعطي البقر سكن وأنتو ما أعطيكم”.
 للعلم فقط..المساحة المخصصة لبيوت البقر تعادل 14 منطقة سكنية، ويقال والعهدة على الراوي إن الدنمارك المعروفة بمنتجات الألبان قد أعلنت حالة الطوارئ القصوى بعد القرار الكويتي التاريخي خوفاً من تأثيره على صناعة الألبان والتي تعد إحدى مصادر الدخل الرئيسية في الدنمارك خوفاً من غزو منتجات الألبان الكويتية للسوق الدنماركية، ويقال أيضاً إن شركة لورباك أشهر شركات الألبان قد سرحت غالبية موظفيها بعد القرار الكويتي. 
لسان حال الشاب الكويتي الذي يبحث عن “قرقور” يسكن فيه لأن أسعار الأراضي والبيوت وصلت إلى ما يقرب من نصف مليون دينار، لسان حال هذا الشاب بعد أن يسمع القرار الحكيم لحكومتنا الحكيمة بتخصيص هذه المساحة الشاسعة للبقر يقول “ليتني كنت بقرة”، بينما يرى أحد الدهاة أصحاب العقلية التجارية أن على المواطن الباحث عن سكن أن يقول “ليتني كنت ثوراً”، لأنه عندها سوف يسيطر على البقر بأجمعه.
 كأني بالمواطن وهو يقرأ هذه الأخبار المفرحة عن حل أزمة مساكن البقر يقول “يا حظ البقر لأن لديهم علاقة قرابة مع متخذي القرار”. أنا شخصياً أعتقد أنه ليس من حق أحد أن يعترض على القرار الحكومي الخاص بالبقر لأن هذا القرار مدروس بعناية وهو جزء من السيدة تنمية بنت رفاهية التي رفعت الحكومة شعارها، فالتنمية المستدامة بالمفهوم الحكومي تنبثق من تربية البقر على طريقة الأهزوجة الشعبية “والحليب عند البقر، والبقر يبي عشب والعشب يبي مطر والمطر عند الله”.
وإذا جئنا لحديث الجد نقول أن الحكومة من خلال مثل هذه القرارات الرعناء تمعن في استفزاز المواطن البسيط الذي وصل إلى درجة تسعة بمقياس ريختر للسخط الشعبي وأنه لم يعد يتحمل المزيد من الاستفزاز وهو يرى كل هذا العبث والفساد الذي يمارس تحت سمع ونظر ومباركة الحكومة. ونقول لأصحاب القرار أن عليكم أن تصحوا من نومكم، فالأمر وصل إلى درجة الخطورة، وإذا كنتم لا تدركون عواقب الأمور فعليكم أن تتحملوا جمرة نتائجها. إذا كان الحراك الشعبي في السنوات الماضية لديه مطالب سياسية فإن الحراك القادم وهو على وشك الظهور سوف تكون مطالبه معيشية، وهو أقوى بكثير من الحراك السياسي لأنه يمس مصالح عامة الناس وحاجاتهم الأساسية. أسمعوا النصيحة قبل فوات الأوان –ولا أظنكم تسمعونها- قبل أن يأتي يوم ليس ببعيد تندمون فيه على قصر نظركم، وقد أعذر من أنذر.
حكمة لعبدالرحمن الكواكبي: صرخة في واد ذهبت اليوم مع الريح قد تذهب غداً بالأوتاد.
salahma@yahoo.com