كتاب سبر

لا حرمنا الله سجنًا اسمه الوطن
يوم المطر الأسود

في مقال كتبت خلود عبدالله الخميس في 2010، وتسأل الآن بدورها هل تغير شيء منذ أربع أعوام ؟!

المقال حمل عنوان “يوم المطر الأسود.. وجاء كالتالي:-
 
لم أسمع أبدا رعدا غاضبا قبل ذاك، وفجرا قاتما بلون الرماد الكالح، تصحبهما زخات وقطرات خجلى لماء ظننته دمعا.
وقفت في «حوش» المنزل، كانت منطقة الشامية من المناطق المبتلاة باقتحامات مفاجئة واعتقالات فاض بها سجن نادي كاظمة، ولمَ أقول سجن نادي كاظمة؟ فالكويتُ كانت كلها سجنا ونحن رهائن في داخل أسوارها وحدودها وجوها وبرها وسمائها، لا حرمنا الله سجنا اسمه الوطن.
فتحتُ كفي وإذا بنقط ماء أسود، فرفعتُ عيني الى السماء أسألها: أيتها الزرقاء انعكاسا ما الذي أبكاكِ سوادا!؟ وكان ردها ماء أشد سوادا صبّت قطرات منه فوق شعري لـتـزده حزنا فقد كان منطويا على نفسه سبعة شهور عجاف، وكان يرفض أن يطير ويتناثر كعادته، فقد كان خاضعا أيضا لغزو آخر إنه اللون الرمادي الذي اندس بين خصلاته الأبنوسية، ولا فرار من هذا الغزو، فكان ينـتـظر فك الحصار الآخر ليتحرك من بياته القسري.
وقطرات فوق جفناي المنسدلين ترقبا منذ يوم الخميس الثاني من أغسطس، لقد كنتُ انتظر أن أفيق يوم ميلادي بعد ستة أيام من كابوس أو «جاثوم»، كما يسميه الكويتيون، وأغني وأرقص مع صديقاتي واحتفل بمناسبات عدة، تخرجي من الجامعة وحصولي على وظيفة رائعة ويوم ميلادي، ولكن جاء اليوم الثامن والعاشر والواحد والعشرون، ومرت أشهر ولم أفرح إلا يوم السابع والعشرين من فبراير وهو اليوم الذي بكت فيه السماء حزنا وفرحا مع الكويت وشعبها، وكنتُ أقف آنذاك في «حوش» البيت.
أعلم، كمجازة في السياسة والاقتصاد والإعلام والاتصال الإنساني، أن لا صاحب في السياسة، ولا مسلّمات وقرارات نهائية في العلاقات الدولية، وأدري أن الألفاظ هي لعنة الســّـاسة فهم مجبرون على قولها وإن كانت موسا بين شفاههم تتقطع ألسنتهم مع كل حرف، ولكنهم مسيرون.
أحمد الله ركوعا وسجودا وقياما وعلى جنبي وأنا نائمة وفي الحلم والصحوة وفي كل الأحوال، اني كويتية حرة، وأعيش في الكويت الحرة مثلما رزحتُ تحت الظلم تـقطعني الثواني انتظارا لسماع صوت «هنا الكويت» من إذاعة كنتُ لا أهتم بسماعها أبدا.
أشكر الله أني لستُ إلا كاتبة «مجانية» لا أتـقاضى أجرا يتحكم في كلماتي وأفكاري ومساراتي وقراراتي، ولستُ إلا مواطنة أبعد ما أكون عن الكراسي والمناصب والتسويات والاتفاقات والطاولات ذات المفارش المنسدلة على طولها، فحملتُ الرسالة بحروفي، وما أثقلها من أمانة، وما أثمن الحرّية وأروعها.
فلله الفضل في كل ما أنا فيه، وله المنـّـة اني كويتية فقط ولن أكون غير ذلك أبدا، وسيبقى قلبي ينبض بصوت «اليامال»، ونظري يتغنى بلون الصحراء، وجلدي يتـنـفـّـس رطوبة شهر ميلادي، شهر أغسطس الصامد وأنفاسه النقـية.
تويتر.. @kholoudalkhames