كتاب سبر

علقوني وراحوا

حاولت مراراً وتكرارا استيعاب النظام الاقتصادي الذي تتبناه حكومتنا حتى أستطيع فهم ما تقدم عليه من تشريعات وقوانين الى أن تيقنت بأن نظامنا الاقتصادي مبني على الحيلة الكويتية المعروفة بـ “علقتك”.
نعم فقد استطاعت حكومتنا ان تعلقني وتتركني بلا جواب، فتارة أؤمن بأنها رأسمالية حادة الى أن أجد تشريعات الدعم التي تنتهجها حتى أشك باشتراكيتها!مالحل معك يا حكومة وما العمل؟ بوحي لنا بسرك المكنون، ساعدينا على فهم ما توصلتي له من عقلية اقتصادية سابقة لعصرها.
قد يكون مستوى استيعابنا هو السبب؟ أو قد يكون تخلفنا هو المؤدي لتلك التعلوقات التي حيرتنا!
لأحكي لكم بعض القصص المحيرة التي زادت حيرتي عل وعسى يظهر لنا من يستطيع قراءة الأفكار والأذهان وقادر على تحليل حركات الجسد والايماءات لكي يتوصل لتحليل الفكر التي تنتهجه حكومتنا.
-قررت حكومتنا انتهاج الفكر الرأسمالي وتحرير التجارة ومنع الاحتكار والتشجيع على الاستثمار مما دفعها لعرض العديد من وسائل الدعم للمقبلين على الاستثمار آن ذاك حتى تدفع أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار ودفع عجلة التنمية ، وقد فعلت، فقامت بتأجير أراضي منطقة الشويخ بواقع 100 الى 200 فلس للمتر سنويا بالإضافة لتوفيرها لقسائم صناعية في مناطق عديدة بأسعار زهيدة قد لا تكاد تذكر لدعم العمل الصناعي والتشجيع على الصناعة،كما وفرت لهؤلاء المستثمرين الكهرباء والماء المدعومين واعتبرت منشئاتهم كأي منزل من منازل الكويت، كما سمحت لمركباتهم بالتزود بالوقود المدعوم كأي مواطن، ولنغضض الطرف عن أن المواطنين لا يتزودون بالديزل، وأخيراً تيقنت لأهمية مسألة الأمن الغذائي فقررت توزيع المزارع على الشركات حتى تقوم تلك الشركات بالزراعة لتوفير المنتجات الزراعية للسوق الكويتي ،كما أنها كانت سباقة بالتفكير في مسألة الغذاء وكانت ولا زالت تعمل على توزيع مزارع تربية الأبل والأغنام على أصحاب الأبل والأغنام حتى يتم تأمين اللحوم للوطن والمواطنين.
كل ما سبق حلو وجميل وزي العسل 
لكن ما أشعل حيرتي هو الأمر الذي وجدته بين ثنايا ذاك الدعم، فبالنسبة للمستثمرين الحاصلين على أراضي الشويخ فقد اتجه البعض منهم لاستخدام تلك الأراضي لبناء منشئاتهم التجارية كوكالات السيارات والمعدات ومواد البناء بمختلف أنواعها، واتجه البعض الآخر لتقسيم تلك الأراضي لوحدات صغيرة وتأجيرها بالباطن لمستثمرين صغار آخرين!!
إن كان هدف الدعم هو تشجيع الاستثمار فقد نجحت الحكومة في ذلك وقد لا تكون هي الوحيدة في انتهاج ذلك النهج، إلا أن بقية الدول تقدم ذلك الدعم في مراحل المشروع الأولى حتى يصل لمرحلة الاستقرار والثبات ويسحب ذلك الدعم تدريجيا، وتلك المرحلة لم تنتهي منها حكومتنا على الرغم من مرور عقود من الزمن، كما أن ذلك الدعم لم يخلق لدى هؤلاء المستثمرين أي نوع من الحياء وقت تحديد سعر المنتج، فأسعار السيارات في الكويت على سبيل المثال لا الحصر هو الأعلى في الخليج، على الرغم من حصولهم على هذا الدعم لعقود من الزمن، هذا بالنسبة للفئة الأولى.
أما الفئة الأخرى التي لجأت للتأجير بالباطن فكيف تقدم الحكومة دعم لمن لا مشروع له! فقد أصبح الدعم المقدم هو المشروع بحد ذاته، وكأن الدولة قد أهدت هؤلاء التجار مصدر رزق وفير من دون مقابل، وكما هو حال الفئة الأولى التي لا تشعر بالخجل والحياء في مقابل هذا الدعم فقد فاقتها هذه الفئة في ذلك الأمر من خلال تأجير تلك المساحات بأسعار خيالية تثقل كاهل المستثمر الصغير الحقيقي والجاد وصاحب الاستثمار الفعلي، مما يعني بأن صاحب الصنعة ومن يستحق الدعم بتلك الأرض قد أصبحت تلك القطعة من الأرض هي أكثر ما يثقل كاهله، وقد تكون السبب في تدمير مشروعة واستثماره.
لو تمعنا قليلاً في مسألة الدعم تلك، لوجدنا بأنها أداة تدمير لكل المشاريع الصغيرة الجديدة التي أزعجتنا الحكومة بمحاولة الترويج لها وتبنيها إلا أنها لم تجد من يقدم على تلك الخطوة الانتحارية، فالرعيل الأول من المستثمرين ومن بلعوا الدعم والجمل بما حمل هم أشد من يحارب تلك المشاريع الصغيرة، فكيف للمشروع الصغير الصمود ان كانت تكاليفه تفوق تكاليف المشاريع الكبيرة؟ وكيف لهذا المشروع المنافسة في سوق يستحوذ الحيتان على غالبية أراضيه التجارية بسعر 100 فلس للمتر سنويا وتطلب من هذا المشروع دفع ما يقارب ال 30 دينار للمتر شهريا!
والمصيبة في كل هذا هو أن ذاك المشروع الصغير يضطر لرفع قيمة المنتجات والخدمات حتى يستطيع تغطية المصاريف وتحقيق الأرباح، الأمر الذي يعود على المستهلكين، وهم ما يسمى بالمواطنين، ملاك الدعم الحقيقيين.
هذا بالنسبة للشويخ ويمكن تعميم المثال على بقية الأراضي الصناعية في المناطق المختلفة.
وبالنسبة للمزارعين الكويتيين الحاصلين على أراضي بمئات الآلاف من الأمتار بغرض زراعي تشقلب حتى أصبح غرض ترفيهي سياحي، أين هي تلك المحاصيل؟ وان كانت موجودة وحقيقية، فما هو سبب ارتفاع قيمة المحاصيل الزراعية في الكويت؟ أليست مدعومة؟ وهل جزاء الاحسان إلا الاحسان؟
أما بالنسبة لأصحاب الأبل والأغنام الحاصلين على جواخير وأراضي للمواشي، أين هي تلك الأغنام؟ كيف ارتفعت أسعار الأغنام الى تلك الدرجة على الرغم من الدعم؟ فبقية مراعي العالم لا تحصل على دعم وأسعار الأغنام تقارب نصف أسعار أغنامنا !! أم ان المساحة التي قمتم بتخصيصها للأغنام بعد بناء الفلل وحمامات السباحة والنوافير لا تكفي الحاجة؟
خلاصة كل ذلك هو أن الدعم في جميع الجوانب والمجالات يقدم لفئات هي بالأصل تتمتع ببحبحة مادية ولا تحتاج للدعم، بيد أن هناك فئات شبابية صادقة بالرغبة على العمل والانجاز وفي أمس الحاجة لذلك الدعم بسبب شح الموارد ورؤوس الأموال الداعمة لهم لتحقيق الأحلام، كما أن كل ذلك الكم من الدعم لم يدفع الحاصلين عليه على مراعاة جيوب المواطنين ولم يؤدي لخفض الأسعار بل على العكس قد ساهم في رفعها 
هل عرفتم الآن نوع النظام الاقتصادي الذي تتبناه حكومتنا؟ ووضع لخدمة من؟ ولماذا ينبطح البعض؟
تنويه أخير للأخوة الحاصلين على الدعم: مطلوب مزرعة أو استراحة للايجار فترة العيد على ألا تتعدى 800 دينار واعاهدكم على دعم مطالبكم المستقبلية بالنسبة لرفع قيمة الدعم وطلب التوسعات كما أني ما راح أقول حق أحد ان الحارس عليه قضية تغيب وزابن بالاستراحة.
دمتم بود 
بدر علي البليّس
@lbaderl