آراؤهم

حرام ياخي

خلال استماعي لأحاديث أحد الأصدقاء الذي كان يشتكي من تخبطات الحكومة وعشوائية القرارات وغياب الخطط والاستراتيجيات شد انتباهي موضوع متعلق بأحد الوافدين الذين يعملون معه في جهة عمله الحكومية، ذاك الوافد الذي يندرج وظيفياً تحت بند عقود الشركات.
ولمن لا يعلم بمسألة عقود الشركات فهي ببساطة قيام جهة حكومية بالتعاقد لفترة محددة مع أحد الشركات لتوفير ما تحتاجة من عمالة وافدة لوظائف معينة مقابل راتب محدد تقوم الجهة الحكومية بدفعه للشركة المتعاقدة التي بدورها تقوم بتقديمة للموظف بعد خصم نسبة أرباحها منه.
نرجع لقصة الوافد الذي يعمل مع صديقي ،والذي قد علمت من صديقي بأنه قد تم تعيينه بوظيفة طباع بناءاً على طلب تلك الجهة لحاجتها لشغل تلك الوظيفة.
يحكي ذاك الصديق بأنهم اكتشفوا بعد مباشرة الموظف للعمل عدم وجود أي علاقة سابقة له مع أجهزة الكمبيوتر والطابعات ولوحات المفاتيح ولا نزوات حتى ،بل من الممكن أن تكون الجهة الحكومية هي من وفق الرأسين بالحلال بعد استضافتها لحدث الرؤية الشرعية.
واستطرد صديقي بالحديث عن تلك المصيبة والتخبط الحكومي وكيفية تعيين شخص لا يحمل المؤهلات المطلوبة ! وكيف أتت الجرأة لتلك الشركة بأن تقوم بتقديم موظف لا يحمل المؤهلات ولا الخبرة ولا الدراية ولا المدنية حتى ليشغل وظيفة قد طلبت وفق مؤهلات معينة تنفيذاً لمهمة محددة.
وأرتفع صدر صديقي تنهيداً بسبب آلام الضمير على تلك الحالة وقال:بل أن الأدهى والأمر بأن تلك الشركة تستقطع نصف راتبه كهامش ربح لها بالاضافة إلى أنها قد طلبت من ذلك الوافد مبلغاً طائلاً من المال مقابل الحصول على تصريح العمل للعمل في أرض الأحلام الكويت ما دفعه لبيع قطعة الأرض التي يمتلكها والتي لم يخرج من حيزها في حياته إلا للتوجه للمطار لحاقاٍ بالرحلة المتجهة لأرض الأحلام الكويت التي هي بحاجة ماسة لمهاراته وخبراته لاستكمال نهضتها وتعزيز مركزها.
بعد سماع تلك القصة اتجهت انتقادات كل الأصدقاء من حولي للنهج الحكومي والفوضى والفساد الذي أدى لذلك الموقف ،في حين انني قد بدأت بسؤال ذاك الصديق عن الاجراء الذي قام به هو اتجاه تلك المهزلة ،فأجاب ب: خليته يصور أوراق أو يمسك أختام أو يراقب عمال التنظيف والخدمة يعني أي شي .
فقلت بس ! فأجاب ب: شسوي يعني !
فقلت: أبسطمافي الأمر هو القيام بإعادة ذلك الموظف للشئون الادارية مرفقاً بكتاب يوضح عدم معرفته لاستخدام الكمبيوتر وعدم قدرته على تنفيذ الوظيفة المنوطة به، والشئون الادارية بدورها ستقوم مجبرة بإيقاع المخالفات على الشركة وستضطر لحرمان تلك الشركة من تجديد العقد في حال استمرار وصول الشكاوى من مختلف الإدارات المتعلقة بذات المشكلة
فما كان من صديقي إلا أن شمر عن ساعديه ليخرج صندوقه السحري الذي يحتوي على الاجابة الكويتية السحرية المحلاه بقطع دينية ليجيب ب: حرام نقطع رزقه!
فقلت : نعم صحيح حرام قطع الأرزاق ولكن، أليس من الحرام حصول ذلك الوافد على راتب لشغل وظيفة لا يقوم بها ؟ وأليس من الحرام قبول ذاك الوافد للقيام بطلب وظيفة هو يعلم بعدم توفر اشتراطاتها به ؟ وماذا عن حرمة القيام بحرمان الأحق بالحصول على تلك الوظيفة ؟ وماذا بخصوص الحرام المتعلق باضطرار الجهة الحكومية لطلب طباع آخر ودفع راتب آخر من الأموال العامة لعدم قدرة الأول على تنفيذ المهمة ؟ وهل لك أن تنورني عن الحرام المتعلق بقبول استمرار تلك الشركات بالتلاعب والتآمر على المال العام ؟
ولكني في وسط انفعالي في الرد استرجعت مواقف وأحداث سابقة جعلتني أتوقف وأكتم الصوت واقطع الموضوع وأغيره.
فكم كويتي غير كفؤ مستمر في عمله تحت بند حرام نقطع رزقه ؟ وكم موظف مهمل لا يزال على رأس عمله بفضل حرام نقطع رزقه ؟
وكم مسئول ترقى وفقاً لنظرية حرام نقطع رزقه؟واستمريت في تكرار الكمكمات حتىوصلت للاعتقاد بأن غالبيتنا نعمل تحت بند حرام نقطع رزقه.
ذلك النهج الذي يعتقد سالكيه بأنهم يحيون شعائر دينية ويقدمون من خلاله أعمالاً خيرية هو السبب في تردي كل ما حولنا من خدمات وأوضاع وحالات ،فالأكفا قد يحرم بسبب حرام نقطع رزق الأقل كفاءة ،والمهمل مستمر بناءا عليها كذلك ،كما هو الحال بالنسبة للفاسد الذي نعتقد بأن معاقبته ستؤدي للاضرار بمصدر رزقه الذي سيؤثر على معيشة أبناءه ومنزله فحرام نقطع رزقه ونوهق عياله ! وكذلك المثال يسحب على المتلاعبين بالشهادات الدراسية والحاصلين عليها من جامعات يعلم كل أهل الكويت بطريقة الحصول عليها ،لكننا نطالب أن يتم الاعتراف بشهادته وتعيينه وتوفير البدلات والكوادر التي تناسب تخصصه الذي قد تكون علاقته به مقاربة لعلاقة ذلك الوافد بالكمبيوتر وننسى اللي فات ونقتله
وطبعاً كل ما سبق يندرج تحت بند حرام نقطع رزقه 
فبما أننا جميعاً ننتهج ذلك النهج ونستظل في ظله ولا ننفك نطالب بتطبيقه علينا وعلى من حولنا من الأهل والأصدقاء والأحباب ، لماذا نعطي لأنفسنا الحق في حرمان الحكومة من كسب الأجر وانتهاج نفس النهج ؟
فحرام ياخي نقطع رزق الوزراء كما أنه من الحرام قطع رزق رئيس الحكومة ويا كويت عزج عزنا
دمتم بود
@lbaderl