كتاب سبر

الجامعات الخاصة والكوادر الوطنية

إبان فترة الخمسينات والستينات كانت سياسة حكومة الكويت مبنية على الاستعانة بأعداد كبيرة من جنسيات متعددة من الوافدين ذوي الخبرة والدراية لتأسيس البنى التحتية للدولة وإدارة مؤسساتها ومرافقها الفتية في قطاعات مختلفة كالتعليم والصحة والنفط والكهرباء وغيرها ، وذلك رغبة منها في مواكبة النهضة العمرانية السريعة وتوفير الرفاهية للمواطنين. لا شك أن الاستعجال في بناء الدولة العصرية الحديثة وغياب العنصر الكويتي المؤهل والمدرب آنذاك قد فرض على الحكومة تلك السياسة . لكن المنافي للمنطق أن تستمر هذه السياسة بشكل أو بآخر طيلة العقود الماضية وإلى يومنا هذا رغم انقضاء مسبباتها بشكل واضح ، لا سيما ما يتعلق بالمؤسسات الأكاديمية التابعة للقطاع الخاص , وهو محور مقالنا هذا . فلو استعرضنا نسبة الأكاديميين والإداريين الكويتيين العاملين في جميع الجامعات والكليات الخاصة في الكويت لوجدناها لا تتعدى 9 % في أفضل حالاتها . غني عن القول أنها نسبة متدنية وخجولة في ظل الدعم السخي الذي تقدمه الحكومة  للجامعات والكليات الخاصة  والذي يتمثل في منح أراض مساحتها لا تقل عن 50 ألف متر مربع وفترة زمنية كافية لمزاولة الترخيص ، علاوة على البعثات الداخلية التي تضمن عائدا مجزيا ثابتا. بل ويصل الدعم الحكومي الحاتمي إلى منح حصانة دبلوماسية للمناصب القيادية كما هو الحال مع الجامعة العربية المفتوحة.  
إن الكويت تزخر بالكفاءات الأكاديمية في مختلف التخصصات العلمية والأدبية – يستثنى منها كوادر الجامعة والتطبيقي – ممن نالوا درجاتهم العلمية من جامعات عريقة ومرموقة ، وفي أحيان كثيرة على نفقة الدولة ، ولكن من المؤسف أن  الدولة لم تستفد منها بشكل مباشر أو أقله يتم توظيفها بالشكل السليم ،  بل انتهى بها الحال  في شتات أروقة وزارات ومؤسسات الدولة في مهن لا تمت للمجال الأكاديمي بأي صفة.
إن الحكومة ممثلة بمجلس الجامعات الخاصة مطالبة في مقابل الدعم المقدم للجامعات الخاصة بأن يتم تنقيح شروط منح الترخيص إنشاء الجامعات الخاصة لتشمل على بند ملزم بتعيين كوادر وطنية بنسبة لا تقل مثلا عن 30 أو 40 % في الهيئة الإدارية والأكاديمية. ونحن لا ندعو إلى توظيف هذه الكوادر خبط عشواء ، ولا أن يتم فرضها قسريا ، بل تسري عليها كافة الشروط التي تضعها إدارة الجامعة الخاصة لاختيار العناصر الكفؤة لضمان جودة التعليم والمخرجات. 
لا شك أن تبني الحكومة لهذا القرار من شأنه استثمار الطاقات الأكاديمية المهدرة والمبعثرة ، ويخلق حافزا للطموحين لارتقاء سلم الدراسات العليا لتعدد الفرص الوظيفية ، علاوة على أنه يقلل الأعباء المالية عن كاهل الحكومة ، فهل يا ترى تستجيب الحكومة ؟