كتاب سبر

المال العام وسحيله أم الخلاجين

من حسنات جوجل- أدام الله علينا ظلال سيرجه -, أن البحث يتم بالكلمات المفتاحية , وهي كلمات تتبع أثار أقدام العناوين المتشابهة عبر رمال البحث المتحركة حتي تصل  بك الي الموضوع المراد بحثه ,  فان أردت البحث عن بنغلاديش مثلاً فضع مفتاح فيضانات وستجد حتماً بنغلاديش غارقة لشوشتها في لجة المواضيع , وان أردت البحث عن “الخليج العربي ” فضع مفتاح “انخفاض  سعر البرميل” وستجد نفسك  بلمح البصر تعانق سواحل “الهولو يا مال” علي ظهر أول سفينة ” سبرج ” متوفرة ” , وهكذا كل باب موضوع  له مفتاح يقودك اليه .
أنا أجرب هذه “الطريقة الجوجلية” المعتبرة  كلما اردت البحث عن السيد مرزوق الغانم رئيس مجلس الامة , فقط أضع  مفتاح ” سراق المال العام ” فيظهر لي السيد بوعلي علي صفحات جوجل وهو يقول “شبيك لبيك رئيسك بين ايديك” ! , فلا تكاد تخلو  تصاريحه من هذه العبارة  الا فيما ندر ! سواء أكان كلاماً في لقاء او تصريحا في صحيفة أو مداخلة في الجلسات ,وان كان ايراده لهذا الوصف مقبولا في الاولي والثانية فانه غير مفهوم في الثالثة كون الكلام هنا يسجل في المضبطة ! , والمضبطة كما هو معروف هي الصندوق الاسود لحوادث المجلس , وهي التاريخ الرسمي الذي يعتمد عليه اللاحقون في تأسيس فعل برلماني يستشهد به اثناء مراحل التشريع والرقابة , ومجرد ورود كلمات غير منضبطة لا معني لها في المضبطة كسراق المال العام سيشكل ثغرة سفسطائية لا يمكن رتقها فالشق الاصطلاحي عود هنا !  هو” عاوز ” توضيح أكثر ,وحرارة اكثر, واندماج أكثر, كما يردد عادة المخرج العصبي في الافلام المصرية  عند اعادته للقطات مرة تلو الأخرى .
 من هم سراق المال العام  هؤلاء  يا أبا علي ؟ وما هي أسماؤهم ؟ هل هم  بشر كحلاتنا من ” عوال أدم ” , أم هم كائنات من عالم أخر ؟ جن أزرق مثلاً  ” من عباد الارض” ؟أو  زوار من الفضاء الخارجي من كوكب نيبور الواقع خلف حزام كيبور ؟  وهل هناك دليل قضائي أو أحكام قاطعة تقودنا اليهم ؟ وان كانوا يسرقون مالنا العام ,وما زالوا يسرقونه فلماذا لا يتم تفعيل الأدوات الدستورية وتوجيه اتهام رسمي اليهم مدعم بالدلائل لحماية المال العام من السراق الملاعين ؟ وما هو نوع الضغط الذي يمارسونه وما مدي قوته ؟ما هي أشكالهم ؟ وهل هناك علامة فارقة علي جسد “سُروق المال العام ” نعرفه بها  لنحتاط منه ؟  شامة علي الخد مثلاً أو ” حبة خال”  علي الأنف ؟ أو أنتفاخ مسّود تحت العينين ؟  او جرح قطعي بعشر غرز في الوجه كما نشاهد في الافلام ؟ . وفي حال سألني حفيدي مستقبلاً عن سراق المال العام فماذا سأقول له ؟ هل ساضطر وقتها والعياذ بالله للاستعانة بساحر لأحضر أرواح أعضاء مجلسنا الموقر الحالي وأستفسر منهم عن المعني الذي في بطن المضبطة ! ,أم استغل طفولته  و” امشيها عليه ” وأضيف “سراق المال العام” الي سوالف ” حمارة القايلة ” و” أم السعف والليف ” و” سحيله أم الخلاجين ”  و”دير بالك لا تطلع بالسكة لا ياكلونك سراق المال العام” !! ,
هناك فرق كبير بين بين الخطاب الانتخابي والخطاب تحت قبة عبدالله السالم , فأصول العمل البرلماني تنص علي أنه ان حضر ماء المضبطة بطل التيمم  بتراب هكذا مصطلحات زئبقية لا تسمن ولا تغني من جوع ,مصطلحات مطاطية تنفع “كمانشيت” في صحيفة أو كعنوان لندوة ولا تصلح  أبداً كسطر في مضبطة  توثق لتاريخ ديموقراطيتنا ….الغريقة ! .