كتاب سبر

قراءة دستورية وقانونية
ولى لولى العهد فى الكويت !

يدور جدل فى هذه الايام فى ظل احتدام صراع ابناء اسرة الصباح فيما بينهم حول مدى امكانية استعارة النموذج السعودي والمتمثل بتعيين ولي لولى العهد ليضع حدا للصراع وحسما له ويكون بمثابة عامل استقرار لبيت الحكم !!؟

ويغييب عن مروجى النموذج السعوى فى تولية ولى لولى العهد فى دولة الكويت عدد من العوامل التى تجعل من الصعوبة بمكان استعارة او تطبيق النموذج السعودى على ارض الواقع الكويتى ومن ابرز هذه العوامل ما يلى :
– اختلاف الكيانات الدستورية والقانونية للمسائل والقضايا المرتبطة بتولية امير البلاد وولى عهده بين الكويت والسعودية اختلافا كبيرا , فدولة الكويت ومنذ قيام الدستور فى عام 1962 خطت خطوات واضحة فى تنظيم امر الامارة وولاية العهد وفق اجراءات دستورية وقانونية محددة تجمع بين اختيارات اسرة الصباح والامير ومن ثم اعتماد ممثلى الشعب من خلال مجلس الامه.
– العامل الثانى المهم جدا وهو عامل دستورى ورد في المادة 4 من الدستور وكذلك نص عليه تفصيلا في  قانون احكام توارث الامارة رقم 4  لسنة 1964 بان منصب ولاية العهد بحد ذاته لا يتحدد الا بخلو منصب امير البلاد وارتقاء ولى العهد لمنصب الامير ثم تبدأ جولة نص عليها الدستور وقانون توارث الامارة بشان آلية اختيار ولى العهد للامير الجديد ولم تتضمن النصوص الدستورية او نصوص قانون توارث الامارة اطلاقا ذكر المنصب المسمى ولى لولى العهد ولا توجد آلية او نص فى الدستور او القانون تحدد كيفية اختيار هذا المنصب.
– من العوامل الاساسية فى النصوص المنظمة لتولية الامارة وولاية العهد وفقا للنظام التشريعى الكويتى انها قامت على اساس مشاركة اسرة الصباح متمثلة بامير البلاد مع الشعب ممثل باعضاء مجلس الامه فى اختيار ولى العهد، بل ان الامر تجاوز ذلك وقد تم تفعيل نصوص الدستور وقانون توارث الامارة عندما  خلي منصبى الامير وولى العهد كما حدث عقب وفاة امير الكويت الراحل جابر الاحمد الصباح  ومرض ولى عهده الشيح سعد العبدالله الصباح  رحمهما الله فتم اعمال الاجراءات الدستورية والقانونية فى تنصيب الشيخ صباح الاحمد الصباح اميرا للكويت ثم فعلت كذلك الاجراءات باختيار الشيخ نواف الاحمد الصباح وليا للعهد، ولذلك فان آلية اختيار حاكم الكويت او ولى عهده يجب ان تمر عبر ما نص عليه الدستور والقانون ويتطلب موافقة مجلس الامه ممثل الشعب على ذلك.
– لقد كان مؤسسوا الدستور ذو نظرة بعيدة وحكيمة فقد ورد في محضر اجتماع لجنة اعداد الدستور المرخة 20 أكتوبر 1962 اثناء بحثهم واعدادهم لنصوص الدستور وبالأخص المادة 4 من الدستور احتمالية وجود صراعات في الاسرة مستقبلا تؤثر على اختيار ولى العهد , وقد ذكر كل من عبداللطيف ثنيان الغانم وحمود زيد الخالد رحهمهما الله احتمالية قيام احد الامراء مستقبلا باعتماد ابنه او ترشيحه لولاية العهد على نحو يخل بدور اسرة الحكم وراى الشعب وعليه يتطلب تحديد الية اختيار ولى العهد بشكل تفصيلى في الدستور وفى قانون مخصص له وضعية دستورية وهم يقصدون بذلك قانون توارث الامارة , وفيما سبق تأكيد من مؤسسى الدستور على أهمية الالتزام بالإجراءات المحددة في الدستور لاختيار ولى العهد واهمية دور الاسرة في الاختيار ودور مجلس الامه ممثل الشعب في الاعتماد وعدم الخروج عليها.
– واصحاب الراى الجدلي القائل بتبنى النموذج السعودى باختيار ولى لولي العهد يتحدثون عن الاخذ  بذات الاجراءات التى نص عليها الدستور وقانون توارث الامارة مما يعطى على حد قولهم شرعية لهذا التنصيب , وبلا شك ان هذا التفكير بعيد كل البعد عن صحيح الدستور والقانون بل يعد تجاوز دستورى خطير  لما سبق الاشارة اليه من وضوح النصوص بعدم وجود مثل هذا المنصب كما انه سلب مبكر لصلاحية كل من امير المستقبل الذى سيرتقى لمنصب الامارة وله احقية اختيار وليا للعهد فى زمانه كما انه سلب لصلاحيات ممثلى الشعب فى الوقت الذى ياتى علي البلاد امير جديد ولكل مرحلة ظروفها ومعطياتها ورجالها , وبافتراض تم العمل بذات الإجراءات لاختيار ولى لولى العهد فانها ستكون وما ترتب عليها خاضعة للابطال قانونيا لمخالفتها نصوص الدستور والقانون .
– ان العمل بالدستور وقانون توارث الامارة القائم صمام امان للشعب الكويتى الكريم واسرة الصباح الكرام كما حدث سابقا فى عام 2006 , وان تبنى افكار او اليات جديدة فى هذا الشان تحديدا لا تقوم  اصلا على اساس دستورى لها فى ظل الظروف الحالية هو بمثابة دخول فى اشكاليات اكبر لطبيعة النظام الحاكم فى الكويت.
– من المستقر تاريخيا ان دولة الكويت قامت على اساس المشاركة بين عوائل الكويت واهاليها فى الحكم والادارة والمال والمشاركة التى قصدها المؤسسون فى دستور 1962 تتمثل فى العمل بالدستور واشراك الشعب فى القضايا الرئيسية ومن ابرزها مشاركة الشعب ورضاهم فى اختيار حكام المستقبل.
وختاما نسال الله ان يولى امورنا خيارنا وان يهدينا سبل السلام ..
المحامى 
محمد الدلال 
mohammadaldallal@gmail.com