أقلامهم

فوزية أبل: «الكوميديا السوداء» تحاصر السياسيين!

«الكوميديا السوداء» صارت جزءاً من الحياة اليومية للمشاهدين، والمستمعين، ومتابعي مواقع التواصل الاجتماعي، وقد قامت بدور في المناخات السياسية المتأزمة في دول عربية، من بينها مصر ولبنان، ومؤخراً تونس.
إنها وسيلة يلجأ إليها سينمائيون أو معدو ومقدمو برامج متنوعة، أو أيضا أشخاص غير مختصين من مستخدمي وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية، عند تعاملهم، سواء مع قضايا إنسانية واجتماعية، أو مع أحداث سياسية تسيطر على المناخ العام. والناجح منها يتسرب إلى قلوب الناس بسهولة مذهلة، وقد يؤثر في قناعاتهم.
القالب الساخر الذي يستخدمه نجوم بارزون في العالم العربي جامعة بين الضحك والجدية، أي بين خفة الدم وإيصال الفكرة التي يريد المؤلف إيصالها إلى الجمهور.
واللافت هو أن العديد من المبدعين في هذا المجال قد تعرّضوا لمضايقات أو ملاحقات (شخصية وأحياناً قضائية) في العديد من الدول، (حتى في دول أوروبية)، بدءاً بمصر التي انقسم فيها الرأي العام بين مؤيدين لباسم يوسف ومعارضين له.
وفي الكويت لاحظناها من خلال مواقع التواصل، أو مقاطع فيديو، وذاع صيت البعض وصار ذا شهرة ونجومية.. ولكنها ليست وليدة اللحظة، فهذه الكوميديا كانت جزءاً أصيلاً من المسرح والدراما الكويتية.
ومن المعروف أن هذه الكوميديا تجمع بين الضحك والجدية، وتحاول إيصال رسالة معينة قد تكون ذات طابع تربوي أيضاً، أو تتناول الأوجاع الصحية.. والنفسية، وغيرها. ولكن البعض للأسف يستخدمها على النحو الذي يشكل إساءة أو تعريضاً للكرامة، أو يستغلها لمصالح معينة.
ويدور النقاش حول حرية التعبير في هذا المجال المؤثر في الجمهور، وفي عمل السياسيين وأصحاب الفكر والثقافة، مما يزيد من أهمية هذه البرامج وتأثير هذه الإسقاطات في مجمل المشهد السياسي، خاصة في سياق «المضحك المبكي»، و «شر البليّة ما يضحك»!
وهو ما يؤكد تزايد هذه الكوميديا في العديد من الدول.. فالتعليق الساخر يعتبر أبلغ رد على بعض الطروحات والممارسات، وفي بعض الأحيان، فإن الكوميديا السوداء تتسبب في إلغاء (أو تغيير) مشروع سياسي أو اقتصادي، أو حتى صفقات.
وبصورة عامة، فإن هذه الكوميديا تحوّلت من النكات وردّات الفعل «البريئة» على مواقف معينة، إلى حدث قائم بذاته، يقابل بردود فعل مؤيدة لها أو تعارضها.. وصارت جزءاً لا يتجزأ من اللوحة السياسية، والمشهد العام.