أقلامهم

عبدالعزيز الفضلي: كلّكم حرامية!

من أخطر المواقف التي يتخذها الإنسان هي أن يطلق التعميم في الأحكام التي يصدرها تجاه الآخرين، أو يبالغ في رفع نسبة من يعتقد أنهم مخطئون.
استمعت إلى حديث أحد المحامين في قناة محلية، وكان يتحدث عن موضوع تغيب البنات عن البيوت، وصدمنا حينما قال بأن خمسين في المئة من الآباء فاشلون !! وهو يريد بذلك إلقاء اللوم على الآباء في مسألة تغيب البنات.
ونقول: لو كان إهمال الآباء لبناتهم بالنسبة التي ذكرها الأخ المحامي فهل كنتم سترون هذا النسبة العالية من الفتيات المحافظات في مجتمعنا؟
موقف آخر وهو عندما حضرت خطبة الجمعة في أحد المساجد تألمت عندما وجدت الخطيب يصف كثيراً من نساء البلد بأنهن متبرجات!! ويزعم بأن «الدياثة» – واعتذر عن الكلمة -أصبحت منتشرة عند كثير من أولياء الأمور!
وفي الحقيقة هذا الخطيب ظلم نساء الكويت، واللاتي تشهد لهن حلقات القرآن ومجالس العلم والدعوة وميادين الأعمال الخيرية بعكس ما نطق.
موقف ثالث: جاءني في المسجد أحد المحتاجين إلى المساعدة، فاقترحت عليه الذهاب إلى إحدى اللجان الخيرية التابعة للمنطقة التي يسكنها، فوصف بعض اللجان الخيرية بأنها أصحاب واسطات، واتهمها بأن بعض هذه الأموال التي تجمعها تذهب إلى جيوبهم، فقلت: هذا اتهام يحتاج لدليل، فهل تملكه ؟ فسكت.
وقلت الخطأ وارد عند البشر فإن وقع من فرد فلا يجوز التعميم، فقال: كلهم كذلك!
يُطرح في الديوانيات الحديث عن عدد من نواب مجلس الأمة السابقين وتقييمهم، ومما يؤسف له أن يقوم البعض بإطلاق التعميم على الجميع بأنهم أصحاب مصالح شخصية، وقد حققوا الثراء من وراء الكرسي الأخضر.
وأعتقد أن هذا ظلم لا يجوز، ومن يعرف بعض النواب عن قرب يدرك كذب هذه المقولة.
يقوم البعض باتهام أئمة المسجد وخطبائها بأنهم متطرفون، ويعمم في كلامه، وأبسط رد على هؤلاء بأن وزارة الأوقاف تقوم بالاستماع إلى الخطب مباشرة بعد صلاة الجمعة، ونادرا ما يتم الحديث عن طرح متطرف عند خطيب هنا أو آخر هناك.
نجد مثل هذه الأحكام العامة تنطلق من بعض أولياء الأمور تجاه إدارات المدارس والمعلمين وهو الوصف بالفشل، من أجل تبرير رسوب الابن أو البنت.
ومن يزر المدارس فسيجد نماذج تربوية كثيرة يفتخر بها الميدان التربوي، تحتاج إلى الثناء والمدح لا المذمة والقدح.
يسعى بعض أصحاب القدرات الإدارية والاقتصادية من أصحاب اليد النظيفة والسمعة الطيبة للدخول إلى مجالس إدارات الجمعيات التعاونية من أجل تطوير أدائها وتحسين مستواها، وزيادة أرباح مساهميها.
لكن المشكلة تأتي عندما توجه لهم سهام الاتهام بالتنفيع والثراء والسرقة، دون دليل أو برهان، مما يولّد الإحباط لدى هؤلاء المخلصين ويدفع بالكثير منهم إلى عدم تكرار التجربة مرة أخرى.
هذه الأمثلة وغيرها تجعلنا ندعو كل إنسان إلى الإنصاف، وعدم إطلاق الأحكام العامة، وألا نفتري على الناس دون بيّنة.
ولنتذكر قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم»
والمثل العامي يقول: «لو خليت خربت».
Twitter: @abdulaziz2002