عربي وعالمي

ضحايا نيبال.. بين المعاناة و”الاستياء”

من فوق ربوة تطل على واد عميق بجبال الهيملايا، وقفت قروية في الـ33 من العمر متأملة أطلال بيتها الذي دمره الزلزال، وقد نجحت في كظم حزنها على ضياع مدخراتها ومقتل عدد من أفراد قريتها، لكنها عجزت عن إخفاء غضبها من تأخر وصول المساعدات للقرويين. 
تصادفت زيارة فريق سكاي نيوز عربية إلى قرية بهالامي في محافظة سندوباتشوك، شمال شرقي نيبال، مع إيصال الصليب الأحمر أول كمية من المساعدات الغذائية لأولئك المنكوبين، وكانت تتكون من الأرز والسكر. 
وكشف الزلزال الأخير، الذي تسبب في مقتل أكثر من 7 آلاف شخص، عن حقيقة ضعف شبكة الطرق والمواصلات في نيبال، وبشكل خاص في المناطق الجبلية.
وأقرت كارولاين آنينغ، مديرة التواصل في منظمة “أنقذوا الأطفال”، بأن المجتمع الدولي قد تأخر فعلا في إيصال الإمدادات لمن هم بحاجة إليها في نيبال، لكنها تلقي بجزء من المسؤولية في ذلك على ضعف شبكة الطرق، ووعورة المسالك الجبلية.
استغرقت رحلة فريق سكاي نيوز عربية من العاصمة كاتماندو إلى قرية بهالامي أكثر من ثلاث ساعات، فيما المسافة بينهما لا تتجاوز 100 كيلومتر.
وقالت فرق إنسانية إن الوصول إلى بعض المناطق يستغرق أحيانا 24 ساعة، مع ما يرافق ذلك من مخاطر تعطل العربات، أو سقوطها نتيجة لانحراف بعض الطرق عقب الزلزال، ناهيك عن احتمالات تعرض القرويين الغاضبين لهم، ونهب ما تحمله قوافلهم من مساعدات.
إلا أن الزلزال لم يكتف بتدمير البيوت على رؤوس سكانها، بل كشف ضعف نيبال الجيوستراتيجي أمام جاريها العملاقين، الصين والهند،  فقد أكدت مصادر حكومية أن أفرادا من الجيش الهندي انتشروا داخل الأراضي النيبالية بعد مضي بضع ساعات فحسب على الزلزال، وتم ذلك قبل موافقة حكومة البلاد.
وفي مطار كاتماندو، تربض طائرة شحن عسكرية ضخمة تابعة للجيش الهندي، وغير بعيد عنها يوجد عدد من الطائرات المروحية التابعة للسلاح ذاته.
ولا ينظر سكان نيبال بعين الرضى إلى هذا الحضور الهندي اللافت، ففي ميدان “داربار” الأثري الذي عصف الزلزال بعدد من معالمه، علق شباب نيباليون ملصقات كتبت عليها عبارة “فليرحل إعلام الهند”.
لكن الأزمة الحقيقية لا تظهر في الملصقات فحسب، بل في الجدران التي علقت عليها، فبعض مباني الميدان يعود تاريخ تشييدها إلى عدة قرون خلت، وكثير منها كانت تحفا فنية جعلتها منظمة “اليونسكو” ضمن التراث الإنساني، إلا أن الزلزال الأخير حطم ذلك التراث، وقطع أرزاق مئات من الأسر التي تعيش على ما تبيعه من منحوتات ومصنوعات يدوية للسياح.
وقال وزير البيئة السابق في حكومة نيبال كيساب ساكيا، لسكاي نيوز عربية، إن ترميم المعالم الأثرية المتضررة بالعاصمة ومناطق أخرى من نيبال، سيستغرق ما بين 6 إلى 7 أعوام، لافتا إلى أن عملية الترميم تتطلب مساعدة دولية مهمة لضمان إعادة الرونق السابق للآثار.
وفي انتظار ترميم تلك المعالم، سيتعين على كثير من العاملين في مجال السياحة في نيبال أن يتكيفوا مع الواقع الجديد، وكثير منهم سينضمون لا محالة إلى ملايين من الفقراء الذين تعج بهم مدن نيبال وقراها المتناثرة، عبر سفوح جبال الهيملايا وقممها.