كتاب سبر

يا وجه استح!

جغرافياً، يفصلنا عن “أمريكا” السبع بحور, وتاريخياً, يجمعنا وإياها جميل رد العدوان العراقي, والمستشفى الأمريكاني القديم, الذي كان “في الزمانات” يعالج المرضى داخل البلد, والقاعدة العسكرية الحالية التي تعالج وساوس المرضى الإقليميين من خارج البلد, غير هذا, نحن وإياها دولتان ذواتا سيادة, لكل منّا دستوره, ومؤسساته, ومصالحه المتقاطعة والمتنافرة, من رسم حدود هذه العلاقة هو تعريفنا الدولي المعتمد بوصفنا دولة مستقلة, وعضو كامل في هيئة الأمم المتحدة.
نعم لأمريكا نفوذ عالمي طاغي, لا ينكر هذا أحد عاقل, ونعم إن عطس الـ”بنتاغون” ولم تسمع أذنا أقماره الصناعية قول “يرحمك الله”، فستتحرك بعدها الأساطيل لتطبّق الواجب, والفرض, والسنة على عباد الله من فرموزا, إلى برمودا, ولكن يا “حادي العيس الأمريكي” قوافل هذا النفوذ “سكانها” مصلحة أمريكا فقط لا غير, مصالحنا الوطنية “أوت” وخارج الحسبة وحياتك, بمعنى نحن وغيرنا “مش ع الخريطة” في خططهم الاستراتيجية ما لم تتضمن إحداثياتنا مصلحة امريكية ما مرجوة, من يتابع التاريخ الأمريكي في المنطقة العربية يفهم هذا جيداً, ويعرف أن أهم نظرية يسير عليها “البوليتك الأمريكي” تقول: بأن  ما يحتاجه “البيت الأبيض” يحرم على “الجامعة العربية “.
نعيد الدرس مرة أخرى يا أخي ويا أختاه, أمريكا دولة عظمى نعم, دولة مؤثرة “كمان نعم ومليون والنعم”, ولكنها تبقى دولة أجنبية, عظمتها تتناسب طرديا ًمع مقدار مصالحها الذاتية, وتأثير نسرها الأمريكي  يتناسب عكسيا مع  أحلام العصافير وأمنياتها, فلا تأخذوا في “هقاويكم” مقلب, لتقول لكم الحقائق من بعده: كنتم ضيوفاً معنا في “برنامج الكاميرا الخفية” للحلم الأمريكي.
ونعيدها للمرة الثالثة, لتعم الفائدة, مخاطبة الرئيس الأمريكي, أو مناشدة “كونغرسه” يختلف اختلافاً كليا عن مخاطبة المنظمات الأممية الغير حكومية, فالكونغرس لم يكن يوماً “بيت زكاة”, والبيت الابيض لم يوجد على بابه يوماً لافتة مكتوب عليها: “مبرة جورج واشنطن للأعمال الخيرية”.
أعدناها مرة, واثنتين, وثلاثة ولا بأس بأن نفتح المجال لمولانا التاريخ بأن يعيد نفسه هو الآخر, ليخبرنا أن بعضاً من معارضة 1938 قد طلبوا أثناء أزمة المجلس من رئيس دولة أجنبية وهو “غازي ملك العراق” التدخل في شؤوننا الداخلية, ليُفتح بعدها وإلي اليوم ملف المطالبات العراقية بالكويت, مع التهابات مزمنة مؤلمة لذات الجرح شهدناها في حشد عبد الكريم قاسم, وحادثة الصامتة والغزو العراقي في2/8…….فمتى نتعلم الدرس؟
 
نتفق معك أو نختلف، لك الحق في إبداء رأيك, ومخاطبة من تريد, فما ضاع حق دستوري وراءه “مطالب مستحقة”, على شرط أن لا يكون “المن تريد” دولة أجنبية, اطرح مواضيعك على المنظمات الأممية الحقوقية الغير حكومية, أو اتصل  على “بان كي مون” في نص الليالي وقل له: “وحياة مون الحقنا يا باكي”, فهذه ستبقى شخصيات ومنظمات أممية ومخاطبتها على قلوبنا “زي العسل”, ولكن أن تدخلنا بسذاجة  في عش الدبابير وتطلب وأنت بكامل قواك الوطنية من دولة أجنبية حشر أنفها في شؤوننا الداخلية “لتلوي ذراع” قيادتنا السياسية, قبل يوم واحد من قمة مصيرية, ومهمة كقمة كامب ديفيد فهذا والله  عيب, وألف عيب ! …ويا وجه استح!!.
@BIN_7egri