أقلامهم

بدر الديحاني: حول خصخصة «الكويتية»… من جديد

مشكلة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، وغيرها من المؤسسات والشركات العامة المملوكة للدولة، كما سبق أن ذكرنا، ليست بسبب طبيعة الملكية العامة، بل بسبب طريقة إدارتها التي تتدخل فيها الحكومة مباشرة بما في ذلك التدخل في عملية تسعير المنتجات والخدمات، (تفرض الحكومة على “الكويتية” منح تذاكر مخفضة الأسعار، وأحيانا مجانية لكبار موظفي الدولة)، فتفقد المؤسسة أو الشركة العامة استقلاليتها المالية والإدارية، فضلا عن غياب الكفاءة والجدارة، وتكافؤ الفرص في تعيين مجالس الإدارات التي تشكل عادة من ممثلين عن أجهزة الدولة المختلفة، أي من كبار البيروقراطيين الحكوميين، مع عدد من الأعضاء الخارجيين الذين تختارهم الحكومة، في أغلب الحالات، بناء على العلاقات الاجتماعية والمحسوبية، ودرجة القرب من أصحاب النفوذ وبالتالي، تكون مجالس ضعيفة، وبيروقراطية تنتظر أوامر الحكومة كي تنفذها.
لقد نبهت مجالس الأمة في السابق إلى سوء إدارة “الكويتية” ورفضت، أكثر من مرة، مشروع ميزانيتها السنوية، ومع هذا لم تُحرك الحكومة ساكنا لإصلاح إدارة المؤسسة وهو الأمر الذي ترتب عليه تكبدها خسائر مالية متتالية كانت نتيجتها عدم قدرتها على تجديد أسطولها الجوي، ثم تدني خدماتها، وعدم قدرتها على المنافسة في سوق طيران مفتوحة على مصراعيها.
وفي يناير عام 2008 وبعد أن بلغت خدمات المؤسسة من السوء حدا لا يطاق في ظل منافسة شرسة من قِبل طيران خليجي وعالمي مُتطور، فقد قررت الحكومة خصخصتها أي بيع الحصة الكبرى من ملكيتها والتخلص منها بالرغم من جداوها الاقتصادية على المدى المنظور، وذلك تحت حجج ومبررات ضعيفة تعود جميعها إلى سوء الإدارة لا طبيعة الملكية العامة، وبعضها مبالغ فيه ويُدين الحكومة بالدرجة الأولى، مثل تهديد بعض المطارات بعدم استقبال طيران المؤسسة أو وقف التأمين عليها، وكأن ترك المؤسسة تنهار كان عملية مقصودة من أجل تبرير عملية خصخصتها، وهي، بالمناسبة، طريقة معروفة ومكشوفة في عمليات الخصخصة على مستوى العالم.
ولكن عملية الخصخصة لم تمض لأكثر من سبب، كما كان مخططا لها في القانون رقم 6/ 2008، وقد تم تغيير مجلس الإدارة وجُدّد الأسطول الجوي قبل مدة قصيرة، فبدأت المؤسسة تستعيد حيويتها ونشاطها، شيئا فشيئا، ساعدها في ذلك انخفاض تكاليف الوقود، حيث انخفضت نسبة خسائرها في عام 2014 إلى 50د من نسبتها في عام 2013، وهو مؤشر جيد يعطي دفعة معنوية قوية لإدارة المؤسسة للمضي قُدماً في تطوير خدماتها وتقليل خسائرها، كما أنه يؤكد ما طرحناها، مرارا وتكرارا، في هذه الزاوية بأن مشكلة المؤسسة هي في طريقة إدارتها لا في طبيعة ملكيتها العامة، والإدارة من الممكن إصلاحها وتجديدها وتطويرها، فضلا عن أنه من الممكن خصخصتها (شركة خاصة تُدير “الكويتية”)، إن عجزت الحكومة عن إصلاحها؛ لهذا فإنه من المفترض الإبقاء على الخطوط الجوية الكويتية ناقلا وطنيا مملوكا بالكامل للدولة (أو على الأقل أكبر نسبة (90%) من الملكية للدولة على أن تكون النسبة الباقية (10%) اكتتابا عاما)، ومن أراد من الشركات الخاصة أن يستثمر في خدمات الطيران فالسوق أمامها مفتوح، ولتنشئ ما تشاء من شركات الطيران الخاصة بعيدا عن “الكويتية” المملوكة للدولة.