كتاب سبر

‏الواقع الروحي و التمرُّد

‏أيها السادة كل الحروف كما يقولون قابلة للتشكل ، و على عتبات هذه المقالة فأنا أزعم بأنني قابل للتشكل أيضًا ؛ كل الأفكار أعدتها لمستودعها الذي لا يخلو من أفكار مشروخة وأخرى قُتلت بسيف الإستدلال وأخرى بقيت معلبًّة يعلوها الضجيج ،  هدفي أن نضع نقطة جميعًا فوق السطر أو تحتهُ ليس مهمًا موضعها بقدر ما أن نوقف عبث الكلمات التي ظنت كل شيء قابل للكسر بتدفقها . هي ثالث نقطة وضعتها في حياتي كما أزعم ، و قد لا أمَّلُ في وضعها بعد عدة سنوات آلا أن أكون نسيًا منسيًا . يا سادة تعلمون بأن الفكرة هي ضالة الظن فإن وجدها أصبح معتقدًا ثُمَّ يقينا ، بينما أنا هُنا أرجم كل الظنون بسبع من الحصى فهي لم تعد ظنًا ؛ بل أصبح من اليقين بأن روحي تملُ الرتابة كما غيري ، فأوقعت كل شيء من مكانه و ظلت تنظر بعين المترقب لكل من ينبس بشيء ؛ فإن رأته تحدث عرفت عقلهُ وروحهُ ، وشاكلتهُ واستشكلته حتى تمحصه .
‏درستُ في الطب سبعًا من السنين ، عجاف المنظر حلوة المضمون و أُنسًا للشغوفِ بها ، هي تُعلِّمُك كل شيء في هذا الجسد إلا الروح ؛ فهي تعلم بأنها صعبة المنال والمعرفة وأن  العلم وقف عندها واستوقف وبكى استبكى على هذا العالم المكتظ بالأرواح و الذي لا نعرف عنه شيئًا ؛ لذلك من أراد أن يموت وهو على قيد الحياة ؛ فعليه أن يثقل ظهره بمادياتها وأن يبقى أسيرًا لايعرف من سفينته إلا بحرًا مثقلًا بالقوارير المنزوعة الروح . 
‏ و كما يقول بدر الثوعي – وفقه الله -” أشد قطاع الطريق إلى الإنجاز لص يدعى “اللحظة المناسبة” حين تفني أيامك ، بانتظار الظروف المثالية التي لم توجد إلا في خيالك ” لذلك من أراد بأن يحيا بروح شغوفه  ، فلينزع  خنجر الرتابة الذي وضعه في خصرها و ليبدأ من هُنا 
‏مخرج : لم أضع في آخر السطر نقطة لنضعها جميعًا ، فمن منَّا يبدأ !!