كتاب سبر

كرب وبلاء حلب

استفتيت مولانا التاريخ عن كفارة صوم أيام حلب فرد على الفور وقبل ان يرتد إلى طرف علامة استفهامي : عليك بقضاء أيامك في رمضاء كربلاء.
طوال سنوات وسنوات وحلب صائمة لم تغر أنفها المرفوع دوماً رائحة شواء مطابخ السياسة الدولية , رافضة أن تداعب خيال عطش كبرياءها ينابيع مصالح الدول العظمى  ,غير ملتفته لقمح الاستسلام المنثور فوق جبال عنفوانها , صامت حلب ولا زالت تبتغي جنان الحرية ,وظل صمودها صائماً أبداً يبحث في ديار عطش النخوة عن أجر جوع يوم كرامة يوفيه لكل دم شهيد قبل ان يجف عرق جبين تضحياته.
صامت حلب وأفطر العربان علي فتات موائد العاجل من الأخبار , وبواقي تغاريد, وبيانات شجب بائته وحلوى وعود دولية يمحو نهار نفاقها مصداقية كلام ليلها ,أفطرنا على شيء من دراهم نداري بها عار  خذلاننا  ندفعها بيد “خردتنا” اليمين لتدري بها يد”هياطنا “اليسار، ثم  نعود إلي”مضاربنا الكنبية”وقد انتفخت أوداجنا فخراً بغزوات ذي الدرهم المجيدة , ننشد الاشعار، ونسرد بطولاته في ميادين الوغي، ونحكي على قهاوي الانترنت إلياذة درهمنا الاسطورية وكيف قتل “فلسه” المغوار الف “إفلاس” لنا بضربة واحدة!
مع الأسف الشديد لم تصم نخوتنا أيام حلب ربما لأنها كانت تعاني من دورة مجلس الامن الشهرية وإتباعاً لقول مولانا التاريخ لابد أن نقضي أيامها في رمضاء كربلاء، لنصوم أياماً كربلائية نبتعد فيها عن ملذات الطائفية ونفطر فيها علي خبز انسانيتنا وتمر ضمائرنا، ولنعلم أن كل دمعة هلت من عين حلبية بعض دموع زينب بنت علي، وكل حزن رسم ملامح صبايا حلب هو توأم حزن فاطمة بنت الحسين , وكل طفل حمل أبوه أشلاءه تقطر دماًهو عبد الله الرضيع , وكل مقاتل حمل بندقيته على كتفيه ورمى بروحه في مهاوي الردى دفاعا عن ثورته هو العباس بن على، وكل حر رأى حياة الذل موتاً وموت الشهادة حياة هو الحر الرياحي , وكل من غلب مصلحة السياسة علي مصلحة الضمير هو عبيد الله بن زياد، وكل لاجئ مخذول علي شواطئ أوربا وخيمات النزوح هو مسلم بن عقيل، وكل مسعور من المليشيات الطائفية هرول نحو ألم شعب ثائر ليحز رأس حريته هو شمر بن ذي الجوش . وكل عين صلت دموعها قولاً خلف المظلومين وأكلت افعالها بطراً علي موائد الظالمين هي عين أهل الكوفة , كل عنفوان لحلب اليوم هو عنفوان للحسين وكل حرف صمود لها اليوم بعض ابجدية أبا عبد الله.
اليوم تصدح في كرب وبلاء حلب عبارات كربلاء الحسين عبارات عز تطلقها حناجر حلبية مدوية، صرخات كرامة تؤذن فوق مآذن الحرية وتقول..هيهات منا الذلة .
صوموا كربلائكم الحلبية يا آل يعرب  ,صوموا عن الخذلان لتصحى ضمائركم فالكرب والبلاء واحد.