شعراء سبر

قصيدة مهداة إلى عياد الحربي في سجنه
إلى صديقٍ لم ألتقهِ بعد

عاد الشاعر والكاتب المسرحي السعودي صالح زمانان, إلى وضع قضية سجين الرأي عيّاد الحربي,على منصة القصيدة, وفي وجدان اللغة المبحوحة.. وذلك حين أهدى لعيّاد نصاً جديداً بعنوان [إلى صديقٍ لم ألتقه بعد], بعد أن كتب نصاً للسجين الحربي قبل قرابة عام بعنوان [ما أتعسكم أيها الجنود], وإنتشر النص بشكل كبير في وسائل الإعلام الجديد, خصوصاً بعد أن ألقاه الشاعر زمانان في أكثر من منبر في دول العالم من خلال مشاركاته في مهرجانات الشعر, وانفردت((اسبر)) بنشر النص في حينه, لتنفرد مرة أخرى بنشر هذا النص لأول مرة.

وبدأ صالح زمانان نصّه الجديد, بإطلالة سردية قصيرة, وجّه من خلالها النص كإهداء إلى عيّاد الحربي, قائلاً:”القصائد كلها تهرب من هذه الحبوس المتراصة في الشوارع, والحدائق, والميادين, والجرائد, والمنابر, والشاشات.. تهرب منها جميعاً, لتذهب إلى حريتها الشاسعة برفقة الصديق عيّاد الحربي في معتقله, الذي تخجل منه كل المعتقلات في شتى الأماكن والأزمان. أهديك هذا النص يا عيّاد.. وأنت تسمع صافر الليل, محدقاً في سقف مألوف, وغريب.

 القصيدة 

إلى صديقٍ لم ألتقهِ بعد

إني هُنا في مغبةِ الخوفِ والصحراءِ

أعصبُ رأسيَ مثلَ الأسلافِ

كي لا تفلقَهُ ريحُ الخساراتِ المتكررةِ

وأضعُ لثاماً مثلَ الطوارقِ

كي لا تتكوّمَ كِثبانُ الخيبةِ في قفصي

**

في النهارِ أحدّقُ في صغارِ الفجيعةِ

وهم يتسربون بين المارةِ

وفي شوارعِ اليوميات

**

وفي الليلِ

أجمعُ الأغانيَ وعلبَ السجائرِ المستوردةِ

أكدّسُ بعضَ القصائدِ الرهيبةِ

التي ترجمها “حسب الشيخ جعفر”

وأخترعُ خطواتٍ جديدةٍ لإعدادِ القهوةِ

أحفظُ مقاطعَ لرقصاتٍ غجريةٍ

المرأةُ فيها تعصفُ كإعصار

أدوّنُ أسماءَ النجومِ المكتشفةِ الجديدةِ

وأضعُ الكتبَ الفريدةَ والممنوعةَ

في صناديقِ الصابونِ والمياهِ المعدنيةِ

وأنتظركَ

أنتظركَ

.. أيها الصديقُ الذي لم ألتقهِ بعد

أما أنتَ

فكن حُراً

كُن حُراً

تأنقْ في يومِ العطلةِ

ولا تطلبْ الـ”منيو” حينَ نهبطُ المطاعمَ

اطلبْ زاداً معتاداً

وقلّمْ أظافرَ التكرارِ في بقيةِ الكلامِ

بعدَها

عليكَ بإطلاقِ السخريةِ في اليومِ العبوسِ

تدرّبْ على التبسّمِ في وجوهِ الفقراء

وزيارتِهم يومَ الثلاثاء

وكُن وفياً للمقاهيْ , والمسارحِ

وإياكَ أن تنسى بقشيشَ النادلِ المغتربِ

وأغمضْ عينيكَ بحبٍ ورهافة

كلما ذُكرتْ أمٌ في عرضِ الحياة

ألبسْ خاتماً من العقيقِ

وعجّل

إني في مغبةِ الخوفِ والصحراءِ

انتظركَ

أيها الصديقُ الذي لم ألتقهِ بعدْ.