عربي وعالمي

وثائق “تشيلكوت” تؤكد: حرب العراق أسهمت بظهور “داعش”

تضمن تقرير تشيلكوت عن دور بريطانيا في حرب العراق الذي استغرق اعداده سبع سنوات وثائق استخباراتية تسند الرأي القائل ان احتلال العراق اسهم بقسط كبير في ظهور تنظيم “داعش”.

وتبين التقارير السرية للغاية التي قدمتها لجنة الاستخبارات المشتركة الى الحكومة، بما فيها وثائق تُنشر لأول مرة، على نحو لا يقبل اللبس قلق اجهزة الاستخبارات والأمن البريطانية من تصاعد قوة الجماعات الجهادية في العراق بما فيها تنظيم القاعدة.

وتطعن هذه التقارير بادعاء رئيس الوزراء الأسبق توني بلير بأن داعش ظهر في سوريا وليس العراق.  ويقول احد التقارير بتاريخ مارس 2007 “ان تنظيم القاعدة في العراق يسعى الى تنفيذ هجمات تستقطب الاهتمام ونقدر ان التنظيم سيحاول توسيع حملته الطائفية حيثما أمكنه ذلك: التفجيرات الانتحارية في كركوك ازدادت بحدة منذ تشرين الأول/اكتوبر عندما أعلن تنظيم القاعدة في العراق اقامة “دولة العراق الاسلامية”، وبضمنها كركوك”.

وقال تقرير اسبق بتاريخ يوليو 2006 “نقدر ان تنظيم القاعدة في العراق هو اكبر الشبكات المتمردة ورغم ان قيادته تحتفظ بعنصر أجنبي قوي فان أغلبية كبيرة من مقاتليه عراقيون. وان دوافعهم مختلطة. فالبعض متطرفون اسلاميون يستوحون أجندة تنظيم القاعدة والبعض الآخر مأجورون بكل بساطة يجذبهم المال. وبعضهم تستدرجه فرصة القتال ضد الميليشيات الشيعية”.

ويدعم التقرير الذين يقولون ان بلير تلقى تحذيرات كثيرة من ان حرب العراق ستكون لها تداعيات أمنية على بريطانيا أيضا الى جانب توفيرها تربة خصبة للجماعات الجهادية.

وقالت اليزا ماننغهام بولر رئيسة جهاز الاستخبارات الداخلية “أم آي 5” في افادتها امام لجنة تشيلكوت “ان تدخلنا في العراق اسفر عن تطرف البعض من جيل يرى ان تدخلنا في العراق، علاوة على تدخلنا في افغانستان، اعتداء على الاسلام”.

وعما إذا كان التحذير من ان احتلال العراق سيزيد خطر الارهاب على بريطانيا قالت ماننغهام بولر ان جهاز الاستخبارات الداخلية قادر على “تقديم أدلة بالارقام على عدد المؤامرات وعدد الخيوط وعدد الأشخاص المعروفة هوياتهم، وعلاقة ذلك بالعراق”.

بلير قال انه قرأ تحذير لجنة الاستخبارات المشتركة في اوائل عام 2002 من ان العمل العسكري في العراق سيزيد خطر تنظيم القاعدة على بريطانيا ولكنه رأى “ان التراجع بسبب خطر الارهاب سيكون خطأ بالكامل”.

وتلقى بلير تحذيرات من الرئيس الفرنسي وقتذاك جاك شيراك الذي كان معارضاً بشدة لغزو العراق، قائلا: ان من الصعوبة بمكان التنبؤ بما سيحدث بعد الغزو.

كما بحث الدبلوماسيون البريطانيون في باريس عراق ما بعد صدام مع نظرائهم الفرنسيين. وقال لهم احد المسؤولين الفرنسيين ان الغزو “سيؤدي إلى فوضى عامة في العراق بهجمات على رموز حزب البعث وتسوية حسابات واعمال عنف واسعة الانتشار”.

كما أكد سايمون فريزر مدير شؤون الاستراتيجية والتجديد في وزارة الخارجية البريطانية حينذاك ان الفرنسيين دعوا بريطانيا إلى “التفكير ملياً في امكانية التفكك السياسي في العراق بعد الحرب والكثير من النتائج غير المتوقعة، بما في ذلك انعدام الاستقرار السياسي بدافع الثأر”.

واتفقت أصوات في وزارة الخارجية البريطانية مع وجهة نظر الفرنسيين وتقديراتهم لعواقب الغزو. ونقلت صحيفة الغارديان عن مذكرة بتاريخ يناير 2003 تحذيرها من “ان كل الدلائل في المنطقة تشير إلى ان جنود التحالف لن يُعتبروا محررين لفترة طويلة، إذا اعتُبروا اصلا. فان دوافعنا موضع شك هائل وان العراقيين، بمن فيهم عراقيون في الخارج (والعرب عموماً) يريدون رحيلنا بسرعة. وستزداد النقمة على احتلالنا للعراق وادارته وتصبح شرعيته موضع جدل كلما طال أمده”.