أقلامهم

بورصة شراء الأصوات

طفَت ظاهرة المال السياسي في الكويت خلال السنوات الأخيرة بين شراء ذمم بعض نواب الأمة أو من أطلق عليهم «النواب القبيضة» وبين ظاهرة شراء أصوات بعض الناخبين من قبل بعض المرشحين، حيث وصل المزاد في الانتخابات المزمع إجراؤها 26 نوفمبر الجاري إلى 1000 دينار للصوت الواحد، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر، خصوصاً أن الكويت لم تكن تعرف هذا الفساد العلني في الماضي، ولكن يبدو أن الضمائر تغيرت كما تغير كل شيء من حولنا.

ومن المؤكد أن ظاهرة شراء الأصوات التي كثر الحديث عنها هذه الأيام وتم ضبط بعض من يروج لها ليست قاصرة على الكويت وحدها، فهناك الكثير من الدول غير المتقدمة التي تعاني هذه السلوكيات الخاطئة، حيث إنها تساعد في وصول أشخاص غير مؤهلين لتمثيل الشعب لا يستطيعون تحقيق الطموحات والأهداف وخدمة الوطن والمواطنين وإنما في الغالب يكون همهم الأول الحفاظ على مصالحهم الشخصية وجني الأموال بشتى الطرق لتعويض ما أنفقوه على شراء الأصوات أضعافاً مضاعفة.

ولعل من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تفاقم ظاهرة شراء الأصوات قانون الانتخاب الجديد الذي خفض عدد المرشحين الذين يحق للناخب التصويت لهم من 4 إلى واحد، ما ضاعف من قيمة الصوت وأصبح بمقدور المرشح أن يفوز في الانتخابات بعدد ضيئل من الأصوات ربما أقل من 2000 صوت، لذا فإن التكلفة المالية تكون بسيطة بالنسبة إليه عندما يفكر في شراء الأصوات، كذلك غياب الوعي السياسي بأهمية ودور مجلس الأمة في التشريع والرقابة، فالمرشح الذي يدفع للمواطن رشوة لشراء صوته لا يمكنه محاسبته أو سؤاله، وأيضاً انصراف البعض عن مجلس الأمة بسبب الممارسات الخاطئة التي حدثت خلال المجالس السابقة إضافة إلى تراخي الحكومة في مواجهة هذه الظاهرة في المهد وتركها تكبر وتتوغل في المجتمع مع كل انتخابات جديدة.

ولا يختلف المرشحون الذين يشترون أصوات الناخبين بالأموال النقدية عن أولئك الذين يتعهدون بتقديم خدمات متميزة لأبناء دوائرهم في حال وصولهم إلى البرلمان، مثل السفر للعلاج بالخارج أو التعيين في وظائف مرموقة أو تسهيل الحصول على أموال وحيازات قسائم، وغيرها من الإغراءات التي تقدم لكسب ود الناخبين ويتم تنفيذها كنوع من الوفاء بالوعود ولضمان الولاء والاستمرار بالكرسي، فكلها أشكال من الرِّشا الانتخابية التي تفسد المناخ السياسي والاجتماعي معاً، والتي قال عنها الرسول، صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش».

نحن نتطلع إلى تشكيل مجلس أمة قوي واع بقضايا المجتمع الداخلي والاحتياجات الضرورية والأساسية من القوانين والتشريعات اللازمة لتفعيل الخطط التنموية وتلبية طموحات المواطنين، وكذلك مواجهة التحديات الخارجية التي تحيط بنا، لذا فإن على الحكومة، ممثلة في وزارة الداخلية، الضرب بيد من حديد على أصحاب النفوس الضعيفة وسماسرة شراء الذمم ومن لديهم الاستعداد لبيع ضمائرهم من أجل حفنة قليلة من المال، فضلاً عن المرشحين الذين يريدون الوصول الى البرلمان بأي طريقة، من أجل أن يبتعدوا ويتركوا الساحة لمن يريد خدمة الكويت بدون مقابل، ونتمنى أن تكون الانتخابات نزيهة وأن يخرج العرس الديمقراطي بأزهى صورة ليعبر عن إرادة الشعب ونبني جميعاً وطننا الغالي لنا وللأجيال المقبلة… عاشت الكويت وعاش أهلها الشرفاء.