أقلامهم

انتخابات الرئاسة

يفترض أن تنأى الحكومة بنفسها عن المشاركة في انتخابات الرئاسة في مجلس الأمة، وأن تلتزم الحياد التام لاعتبارات سياسية مستحقة خصوصاً في هذه المرحلة، أما التشدق بأن الوزراء يتمتعون بهذا الحق الدستوري في التصويت فهو كلام «مأخوذ خيره» للاعتبارات نفسها، ناهيك عن أن الامتناع عن التصويت يعتبر في حد ذاته ممارسة دستورية لا يمكن منازعتها لأي سبب من الأسباب.

حيادية الحكومة في انتخابات الرئاسة هي صون لها بالدرجة الأولى، كما أنها حماية سياسية للسلطة التشريعية من مبدأ الفصل بين السلطات، فالدور الحكومي على امتداد العهد الدستوري منذ عام 1963 تشوبه علامات استفهام كثيرة شعبياً، والثقل التصويتي للوزراء عادة ما يوجه في اتجاه معاكس لتوجهات السلطة التشريعية، بل الأكثر من ذلك يستهدف ضرب الأغلبية البرلمانية، ولذلك مهما كان تصويت الحكومة في انتخابات الرئاسة فإن ذلك يحتمل التأويل والتفسير حقاً كان ذلك أم باطلاً.

على الجانب الآخر فإن القطب البرلماني الذي يصل إلى سدة الرئاسة بأصوات الوزراء سيظل مديناً طوال الفصل التشريعي لفضل الحكومة، ليس على مستوى مواقفه الشخصية فقط، بل بتوجيه البرلمان ككل وفق بوصلة الحكومة وإرادتها، وبالتأكيد ستلاحقه هذه التهمة في كل الأحوال.

حيادية الحكومة في انتخابات الرئاسة يفرضها احترام الإرادة الشعبية التي فوضت ممثليها الخمسين لتحمل هذه المسؤولية، ويعطي هذا التفويض قدراً أكبر من الأهمية نسبة المشاركة الكثيفة في الانتخابات الأخيرة التي تجاوزت 70%، إضافة إلى أن هذه الانتخابات كانت السابعة على التوالي على امتداد 13 سنة، وكانت الحكومة هي السبب الأول والوحيد في ذلك، إما لإقدامها على حل البرلمان أو لإجراء الانتخابات خلافاً للدستور، مما أدى إلى بطلان نتائجها عامي 2012، 2013.

كما وجه الناخبون رسالة غاضبة من أداء مجلس 2013 الذي وصف بأنه مجلس الحكومة الذي هادن وتنازل وتزلف، وأقر كل مشاريعها دون نقاش وبلا تردد، وارتكب سوابق جمة وخطيرة في انتهاك الدستور حماية لرئيس الوزراء وأعضاء حكومته من المساءلة السياسية عبر شطب الاستجوابات أو عدم مناقشتها، فكانت الرسالة بليغة، وجاءت نتائج الانتخابات لفتح آفاق جديدة في العمل البرلماني واستعادة هيبة المجلس ومكانته، الأمر الذي لم يعد يتحمل إعلان الحكومة نفسها وصياً على البرلمان في أولى جلساته.

كما أن تكليف الشيخ جابر المبارك لرئاسة الحكومة القادمة يعتبره عدد غير قليل من النواب الحاليين مشروع أزمة سياسية ابتداءً، ولذلك فإن مشاركته وزملاءه الفريق الوزاري في انتخابات الرئاسة قد تعجّل في مواجهته برلمانياً، بل في وقت مبكر من عمر المجلس!