أقلامهم

مستعد لقبول الوزارة

حالياً تجرى اتصالاتكم ومشاوراتكم التقليدية على مبخرٍ وبشت، وأنا جئتكم وحدي منفرداً، وعلى رؤوس الأشهاد، فلم أوسط الوسايط، ولم أرسل المراسيل، ولم أسرب التسريبات، لزج اسمي بين الأسماء والقوائم المعتادة، وهذه كبداية أظنها نقطة تُحسب لي، وأنتم كذلك بمقدوركم الاستفادة منها أيضاً، لإثبات شفافيتكم ووضوحكم في الاختيار إذا شئتم.

أظن أنه لا خلاف بيننا على أن الناس هنا تواقة دائماً للتغيير والتجديد، وهذه المرَّة بدت تلك المزاجية أكثر بروزاً، من خلال اختياراتهم المتنوعة للوجوه الجديدة، وزيادة نسبة التغيير، ومن ثم لابد من مجاراة هذا التغيير في تركيبة أعضاء مجلس الأمة، بتغيير موازٍ في تركيبة أعضاء مجلس الوزراء، وبآلية اختيارهم.

فأنا أدعوكم هنا للخروج من احتكارات الغرف المغلقة والاتصالات السرية، وتوسعة مساحة البحث عن وزراء جدد، بعيداً عن الحلقات الضيقة المعتادة والمعايير المجهولة، فالناس سئمت اختياراتكم التي تتم بنفس طريقة الاختيار التاريخية، وفق معاييركم التي لا يفهمونها، والتي غالباً ما تأتي بذات العقليات والأفكار، مع تغيير طفيف في الوجوه والأسماء فقط، حيث يشعر الناس وكأن هناك “كبت” للوزراء، على غرار كبت والدة أحد النواب السابقين، ويتم استخراج الوزراء منه وفق الموسم والحاجة، هاتوا أحمد، علقوا عبدالمحسن، نفضوا عبدالرحمن، نادوا جمال، وهكذا هم لا أحد يعرف كيف دخلوا الحكومة وكيف خرجوا منها، إنما هم دائماً موجودون تحت الطلب، وهذا المهم، فيما أكثر ما يحتاجه مجلس وزرائكم الموقر اليوم، هو طريقة جديدة للتفكير، ومقاربة مختلفة للقضايا تسهل التعاون مع مجلس الأمة الشبابي الجديد، وما تحت بصركم الآن ليس سوى مثال للجديد والمختلف الذي بإمكاني تقديمه، فمن فاز بالانتخابات بدفع من وسائل التواصل التكنولوجية الحديثة لن يفهمه وزير دواويني قديم الطراز من جماعة المواجيب والأعراس. أما أنا، فكوني في منتصف العمر ما بين الجيلين والمجلسين، فسيسهل عليَّ التواصل والتفاهم معهم، كما أني أعرف أغلبهم مسبقاً، وليس صعباً التعرف على البقية، بما أني أفهم لغتهم وطموحاتهم واندفاعاتهم وهذا الأهم، فأنا مثلهم من خارج المؤسسة السياسية، ولا أعيش داخل فقاعة من “النشا” ودخان البخور، بل مختلط بقوة بالواقع والناس وأعاني الزحمة والطوابير، وعارف عليم بأحوال الوزارات والمراجعات الإدارية فيها، فأعرف مواعيد فطور الموظفات الرسمية لآتي بعدها، وأجيد التعامل مع الموظف خريج ثانية متوسط الذي يريد أن يعلمني – وأنا المحامي-الإجراءات القانونية، وهو يدخن تحت يافطة ممنوع التدخين، وفي جعبتي غيرها الكثير جداً من التجارب الحياتية التي قد تعطيكم لمحة بسيطة عن خبراتي بجودة أداء الوزارات التي أدارها وزراؤكم السابقون الذين اخترتموهم بطرقكم المميزة الخاصة. هذا وبإمكانكم معرفة أفكاري ونواياي وأهدافي المستقبلية بالرجوع لمقالاتي إذا كنتم حريصين على الفحص النافي للجهالة، وذلك بالتأكيد سيكون أفضل لكم ممن جربتموهم “عمياني”، ثم اكتشفتم أفكارهم لاحقاً على حساب المال العام.

هذه المبادرة من طرفي إذا ما لاقت القبول، وكُتب لها التوفيق، فيمكن للناس اعتبارها رسالة منكم للتغيير والرؤية الجديدة في طريقة الاختيار والتوزير، وخطوة أولى على طريق تجديد دماء الإدارة وتطويرها. أما اذا أردتم إعادة اختراع العجلة والتوزير من التيارات السياسية، حتى تتقوا شرهم وتأمنوا جانبهم، فإن هذا يسمونه في علم الإجرام “ابتزازاً”، وإذا فضَّلتم توزير معارفكم وحوارييكم وزوار دواوينكم، فهذه تسمى “عزومة”. أما عملية إرضاء من سقط في الانتخابات وتعويضه، فيطلق عليها “مجاملة”. أما إذا انتهيتم إلى أن التوزير يجب أن يتم بتقسيم الكراسي بين القبائل والعوائل والطوائف، فتلك هي “المحاصصة”، وأنا لست مبتزاً، ولا أحبذ العزايم الكبيرة، كما أني أرفض جبر الخواطر، لأنه ما يفيد، وتبقى الكويت دائماً هي حصتي ونصيبي الوحيد الذي خرجت به من هذه الدنيا، فقد جئتكم، كما أسلفت، وحدي و”طليق لا تقيّدني قريش بأحساب الكرام ولا تميم”، حتى لا أصبح مديناً لأحد، ولكي أكون على مسافة واحدة من الجميع.

لذا، شاوروا أنفسكم، واسألوا عني، وتداركوا الفرصة قبل لا تفوتكم وأهوّن، أعرف أنكم ستستغربون الفكرة في البداية، كالعادة مع كل جديد، وقد يظهر من بينكم رجل مختلف يقول “لم لا؟”، فإذا وصلتم إلى هذه المرحلة، فإن رقم هاتفي موجود عند مدير التحرير المحترم.