أقلامهم

أوقفوا العبث بشؤون هيئة مكافحة الفساد

آن الأوان أن يضع الجميع النقاط على الحروف في ما يشهده البلد من تزايد الفساد ونفوذ المفسدين؛ فهم قد عاثوا في البلد فساداً وإفساداً، فقد تعاظمت الإنفاقات المالية التي لا يعرف سندها ولا وجهة صرفها وتزايدت البنود السرية.. فهل ناقشت اللجنة المالية ولجنة حماية الأموال العامة وضع تلك النفقات؟ ولماذا لا يقدم النواب أسئلة برلمانية عنها، وهي معروفة ومتداولة وكل من يتكلم عنها؟ ولماذا لا يتساءل ويسأل النواب عن سبب تعطيل لائحة هيئة مكافحة الفساد فترة طويلة حتى صدرت؟ ولماذا أصدرتها مشوهة كما تم تشويه قانونها؟

إن فتح ملف العبث بهيئة مكافحة الفساد، والتدخل اللامشروع في شؤونها، يؤكد خطورة المرحلة التي بلغها «مشروع الفساد» «ونفوذ الفاسدين»، والهدم المتتالي والمتعمد لمعظم مؤسسات الرقابة في البلد بدأ بمجلس الأمة، ومرورا بديوان المحاسبة ووصولا الى هيئة مكافحة الفساد؟ هناك عمل مخطط ومبرمج وترتيب خطير من قبل رموز الفساد المتنفذين لتحويل المؤسسات الرقابية لهياكل وأشكال صورية مجردة من الصلاحيات، من خلال إفراغها من صلاحياتها وممَّا هو مناط بها ومتوقع منها من مهام رقابية وسلطات حقيقية لتتحول شكلا بلا مضمون ولا أهمية.
إن العبث الذي يُمارس اليوم في شأن الهيئة العامة لمكافحة الفساد والتوجه المحموم بتجريدها من قوتها وصلاحياتها يكشف وضعا غاية في السوء والتدهور تسير نحوه البلد ليفسح المجال «لمشروع الفساد» و«نفوذ الفاسدين» ان تعيث بالبلد وبمقدرات الدولة فسادا ونهبا لمشاريع ومناقصات وعقود مشبوهة بلا رقيب ولا حسيب، وإنما بهيئات لا تملك من أمرها شيئا!
إن مسار إفراغ الهيئة العامة لمكافحة الفساد التي لها سندها القانوني في العديد من مواد الدستور الكويتي وتفرضها أيضا التزامات قانونية دولية باتفاقيات صارت الكويت طرفا فيها، أقول إن ذاك المسار الذي جعل تبعية هذه الهيئة لوزير، وهي التي تتلقى إقرار الذمة المالية لرؤساء السلطات الثلاث، أمر يثير شبهة عدم الدستورية قد تكون محاولة للتحكم بها وتوجيهها‏ من قبل الحكومة، كما أن وضع صلاحيات منقوصة وخلو قانونها من تنظيم واضح ومنضبط لأحوال تعارض المصالح، ثم محاولة الالتفاف على نصوص قانونها المشوه بلائحة تنفيذية منقوصة ومناقضة للقانون تؤكد التوجه لإفراغها من سلطاتها، كما أن محاولة الخلط بين الاختصاصات الإدارية اليومية لتسيير عمل موظفي الهيئة وبين الاختصاص التنفيذي المباشر لمجلس الأمناء في تلقي البلاغات والإقرارات ودراستها والقيام بالعمل اليومي التنفيذي لتصنيفها والتصرف فيها باتخاذ ما يلزم من إجراءات وخطوات ومتابعتها التي هي صميم عمل مجلس الأمناء، هي محاولة لإفراغ الهيئة من الدور المناط بها.
إن لمجلس الأمناء اختصاصات تنفيذية وإشرافية ورقابية تشكل العمود الفقري لمجلس الأمناء، التي يتولاها مباشرة ويعاونه بذلك الجهاز التنفيذي، ومن يحاول أن يلغي الدور المؤسسي الجماعي لمجلس الأمناء الذي هو ضمانة لقوة القرار ومانع من التأثير الذي يتعرض له العضو المنفرد بالضغوط، أو بأي شكل آخر، إنما يؤكد أنهم أدركوا سلطات وصلاحيات هذه الهيئة، وما يمكن أن تقوم به بكشف «مشروع الفساد» و«نفوذ الفاسدين»، فتمت محاربتها في مهدها بإخراج قانونها مشوها لتقليم أظافرها وقدراتها الرقابية، ثم تبعته لائحة منقوصة مناقضة للقانون، ثم تدخل للتجريد من الصلاحيات، وأقول بصوت عالٍ لكل من لديه حس وطني مسؤول: أوقفوا العبث بشؤون هيئة مكافحة الفساد.