اقتصاد

الأردن.. الفقر يدفع الشباب لبيع أعضائهم

يتلقى المواطنون الأردنيون الصفعات الاقتصادية المؤلمة الواحدة تلو الأخرى، منذ بداية العام الحالي. كان آخرها ما كشفه النائب في البرلمان الأردني محمد نوح القضاة، حين أكد إقدام شباب على عرض أعضائهم للبيع من شدة الفقر.

لم يغب عن ذهن النائب، الواسع الشعبية في أوساط الفقراء الأردنيين، وهو يناقش في الكلمة التي كان يلقيها أمام زملائه النواب، والفريق الوزاري، أن مئات الآلاف من الأردنيين يتابعون أمام شاشات التلفزة المحلية كل كلمة يقولها، فيشن هجوما على الموازنة الحالية للدولة الأردنية، التي وصفها بأنها تعمل على زيادة الفقير فقرا، وتضطر فئات من المتعطلين الشباب لبيع كل شيء، حتى أعضاءهم.

تجارة الأعضاء في الأردن، لم ينقطع الحديث عنها طيلة السنوات الماضية، إلا أنها انحسرت نوعا ما، تحديدا بعد عام 2005، حين شددت الحكومة الأردنية العقوبات المترتبة على من يطلق عليهم “سماسرة تجارة الأعضاء”، لتظهر مجددا مع بداية عام 2015.

يتلقى المواطنون الأردنيون الصفعات الاقتصادية المؤلمة الواحدة تلو الأخرى، منذ بداية العام الحالي. كان آخرها ما كشفه النائب في البرلمان الأردني محمد نوح القضاة، حين أكد إقدام شباب على عرض أعضائهم للبيع من شدة الفقر.

لم يغب عن ذهن النائب، الواسع الشعبية في أوساط الفقراء الأردنيين، وهو يناقش في الكلمة التي كان يلقيها أمام زملائه النواب، والفريق الوزاري، أن مئات الآلاف من الأردنيين يتابعون أمام شاشات التلفزة المحلية كل كلمة يقولها، فيشن هجوما على الموازنة الحالية للدولة الأردنية، التي وصفها بأنها تعمل على زيادة الفقير فقرا، وتضطر فئات من المتعطلين الشباب لبيع كل شيء، حتى أعضاءهم.

تجارة الأعضاء في الأردن، لم ينقطع الحديث عنها طيلة السنوات الماضية، إلا أنها انحسرت نوعا ما، تحديدا بعد عام 2005، حين شددت الحكومة الأردنية العقوبات المترتبة على من يطلق عليهم “سماسرة تجارة الأعضاء”، لتظهر مجددا مع بداية عام 2015.

لشاب الثلاثيني (ج. ع)، الملقى على أحد الأسرة في مستشفى حكومي شرق مدينة الزرقاء (شمال شرق العاصمة)، يروي لـ”جيل”، رحلته في بيع كليته اليمنى، عقب وقوعه في فخ صائدي الضحايا، من سماسرة الاتجار بالأعضاء البشرية.

تبدأ قصة الشاب، وهو من سكان ضواحي العاصمة الشرقية شديدة الفقر، حين يقرأ إعلانا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، خلاصته: “كيف تحصل على 4 آلاف دولار خلال ساعتين فقط؟”، فيقع في قلبه أن تلك الدولارات، التي تعادل 2800 دينار أردني، ستعمل على تغيير مجرى حياته كاملة، فيقوم بإجراء اتصال هاتفي على الرقم المرفق بالإعلان.

يقول المتحدث، في حديثه لـ”جيل”، إن شخصا يدعى سليم أخبره أنه صاحب الإعلان، ليبدأ مرحله إقناعه بأن الإنسان يستطيع العيش بكلية واحدة، في الوقت الذي سينعم فيه بالثروة التي سيحصل عليها لقاء هذه الصفقة الرابحة، كما نقل المتحدث على لسان هذا التاجر.

كانت ثروة بالفعل بالنسبة للشاب، المتزوج ووالد ثلاثة أطفال، الذي كان يعمل كبائع “بسطة” للملابس الداخلية، لم يكن يجني منها طيلة ساعات العمل الطويلة سوى 10 دنانير أردنية يوميا، وفق المتحدث.

وبالفعل، يستجيب الثلاثيني لإغراء هذا السمسار، ويسافر إلى العاصمة المصرية القاهرة، أواخر العام المنصرم، بعد أن اشترى التذاكر وحجز شقة لمدة يومين في إحدى ضواحي القاهرة، كما تم الاتفاق مع السمسار، الذي وعده بالحصول على المبلغ كاملا عقب إتمام العملية.

“ساقني رجلان ملثمان إلى العيادة.. مساء يوم خميس، تملّكني الخوف والرعب، فأنا على وشك انتزاع كليتي مني، إلا أن طفلاي والبسمة مرسومة على وجهيهما، كانت تبدد الخوف، وكل ما أفعله هو لضمان حياة كريمة لهما”، يصف الشاب الدقائق التي سبقت عملية انتزاع كليته في عيادة أقرب ما تكون لمشرحة، وفق تعبيره.

بعد ساعات قليلة من انتهاء العملية الجراحية، تسلم الشاب المبلغ المتفق عليه، الذي كان منقوصا، حيث تم “حسم” تكاليف السفر والإقامة من المبلغ، ليتم إخراجه من قبل العصابة من العيادة إلى الشقة مباشرة، فيما كان جرحه لا زال ينزف.

لم يمض سوى أسبوع على عودته إلى الأردن، حتى بدا رحلة العلاج من تداعيات العملية الجراحية، لإصابته بفشل كلوي، بحسب الأطباء الذين أشرفوا على معاينته.

ولأن الدولة الأردنية تواصل سياسة التكتم التام حول الإحصائيات الحقيقية المتعلقة بعدد الأشخاص الذين ضبطوا أو باعوا أو كانوا طرفا في عملية الاتجار بالأعضاء البشرية، يبقى المشهد دون أي أرقام رسمية لعدد الضحايا، إضافة إلى ما يبديه الضحايا أنفسهم من تكتم وسرية.

وبعيدا عن الرقابة والمتابعة، يحوم هؤلاء السماسرة و”تجار الأعضاء البشرية” في المدن والبلدات الأردنية، سعيا وراء الضحايا أمثال الشاب (ج. ع)، مقابل مئات من الدنانير، ليخسروها في ما بعد على العلاج الطويل.

مصادر في وزارة الصحة الأردنية، تشير في حديثها لـ”جيل”، إلى إحصائية لما تسمى “اللجنة العليا لزراعة الأعضاء”، تفيد بأن أكثر العمليات من هذا القبيل تجرى خارج الأردن، تحديدا في مصر والعراق، وتؤكد الإحصائية ذاتها أن غالبية من باعوا كلاهم يقيمون في مناطق فقيرة من ضواحي المدن والبلدات الأردنية.

جميع هؤلاء البائعين من الشباب، سافروا طوعا، لا سيما إلى مصر، التي أضحت سوقا جاذبة لمثل هذه العمليات، بعد تعذر إجرائها في العراق عقب سقوط بغداد عام 2003، بحسب المصادر ذاتها، التي امتنعت عن كشف هويتها لـ”جيل”.

يتكرر الأمر مع الشاب (س. ا)، الذي باع كليته لتجار الأعضاء البشرية، إنما هذه المرة مقابل 6 آلاف دولار، بعد أن تمكن أحد أصدقائه من إقناعه بالذهاب إلى مصر وانتزاع كليته لصالح جهات طبية وصفها بالعالمية.

ويحصل المتحدث على المبلغ، أيضا منقوصا، ويتبين لاحقا أن الكلية ذاهبة لمريض مصري نافذ، مضيفا أن عددا آخر من الشباب الأردنيين كانوا برفقته في تلك الرحلة، كلهم باعوا عضوا من أعضائهم البشرية، وفق ما كشفه لـ”جيل”.

من ناحيته، يحمل والد الشاب (ج. ع)، في حديثه لـ”جيل”، على الأحوال المعيشية المتردية التي أجبرت ولده على بيع كليته، حيث “لم يستفد شيئا من المال، بل على العكس يدفع أضعاف ذلك ثمن العلاج، ولولا أهل الخير الذين يتكفلون بالعلاج والمصاريف لمات ولدي”.

تدلل العمليات الأمنية الأردنية التي تستهدف هذه التجارة السوداء، وفق مصادر أمنية تحدثت لـ”جيل”، على أن اعترافات سماسرة تم إلقاء القبض عليهم كشفت أن معظم الأعضاء البشرية تذهب إلى الأثرياء في دول الخليج العربي، إضافة لدول أوروبا الغربية، مقابل مبالغ طائلة من الممكن أن تصل إلى مئات آلاف الدولارات، فيما لا يحصل الضحية إلا على القليل من هذه الصفقة غير القانونية.

وأخيرا ألقى قسم البحث الجنائي في مديرية شرطة محافظة الزرقاء الأردنية، على عدة أشخاص من سكان المحافظة، اعترفوا بقيامهم بإقناع عدد من الشباب الأردنيين ببيع “كلاهم” مقابل ألف دينار أردني عن كل شخص، يقبضونها من أعضاء شبكة متواصلة مع دولة عربية شقيقة، وفق المصادر ذاتها.

تجدر الإشارة إلى أن عملية استئصال أي عضو من أعضاء الإنسان، خصوصا الكلية، على أيدي أطباء غير متخصصين، قد يعرض الضحية لاحتمال الإصابة بالفشل الكلوي، فعملية كهذه تتطلب إجراء فحوص مسبقة للتأكد من أن المريض قادر على العيش بكلية واحدة.

كما أن الجهد سيتضاعف على الكلية، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى فشل كلوي، بالإضافة إلى الإحساس بوخزات دائمة في مكان العملية، واحتمال حدوث فتق به في أي وقت، ولا يستبعد الأطباء المعالجون احتمال حدوث تسمّم بالدم أثناء إجراء عملية كهذه، لعدم توفر البيئة الآمنة.