أقلامهم

تناقضات “الكاتبجي”!

زميلنا الكاتبجي محمد الوشيحي إرهابي مواقف محنك، تشهد على تناقضاته المتفجرة حواري قواعد الحياة التي أعرفها! معرفتي به لسنوات كانت إعصاراً اجتاح كل وديان تجاربي الشخصية، فطيّر “خيام رباعياتها” ولم يبقِ من حبال هواها ولم يذر، وا أسفاه على قاعدة: “أهل الكار الواحد لا يمدحون ولا يعينون بعضهم إلا لمصلحة”، كانت قاعدة معمرة سالت بعد فراقها “الغبرات والطوز”، فغدت من بعد معرفته قصرا من خيال فهوى و”تفلش” إربا إربا.

أبو سلمان– هداه الله- خالف عادات وتقاليد عوّدتنا عليها “سلوم” زماننا الأغبر، ناقض تراثنا الكاري الراسخ، فكال لنا المدح ومدّ لنا يد العون نحن معشر “الكاتبجية” في مقالاته وتغريداته، وفي إدارة “الجريدة” مسقط رأس أقلامنا وعبر قروبات الواتسابات وخلافه! يا وجه الله! حرمتنا يا أبا سلمان من رفاهية معلبات الابتسامات الصفراء الجاهزة، إجابات صفرواية “تيك أوي” كنا نتجمل بها على كل كاتب مبتدئ صدته كتائب ذوي كاره، فحاصرته وضيقت حول طموحه الخناق.

كنا قبلاً نستسهل الإجابات ونهز رأسنا بسعادة، نجيب قبل أن يرتد لسائلنا حرفه “ههههه أهل الكار يا مولانا لا يمدحون أبدا أهل كارهم”، ثم أتت رياح مكارمك العاصفة لتخرب طبختنا الصفراوية، وتدخلنا في حيص بيص أمام حشود علامات الاستفهام والتعجب الغاضبة… سامحك الله يا شيخ!

ولا أنسى كذلك عملياته الإرهابية التي طالت القاعدة المرجومة “الخلاف لا يفسد للود قضية”، تلك القاعدة الراحلة التي كبّرنا عليها أربعاً منذ أمد بعيد نحن- معشر الكتّاب والصحافيين- ثم واريناها سريعا ثرثرة الحوار، قاعدة ذوت ومضت وانقرضت منذ “مبطي” من ديار العربان بسبب “التصيد الجائر” أجاركم الله، وحل مكانها قواعد أخرى كـ”أنت تخالف إذا أنت مطرود من ديار الود”، و”قل (لا) لتحرم من ميراث”، والـ”نعم” و”للأبد” و”ليش تخز؟!”.

الوشيحي ناقض بإرهابه المعهود هذا أيضا وفجر ضريح تلك القاعدة الذهبية المنقرضة لتعود حية مرة أخرى لتلدغ واقعنا المر، ولا أدري كيف قامت بعد أن طواها النسيان، ولا أعلم كيف تكاثرت في محمية صدره الشمالي! ولكني أعلم يقينا أني عارضت مقالاته في عقر داره بجريدة “الجريدة”، وفي “تويتر”، بل كتبت خلاف ما يطرح في سبر عاصمة جمهوريته الكاتبجية، خالفته أكثر مما اتفقت معه، فما تغير ولا تبدل، وما كانت ردة فعله دوما وأبداً إلا رأسا مرفوعا من الود!

وعلى فكرة لـ سبر تلك قصة أخرى لا بد من سردها، فمنذ سنوات أوقفت الصحيفة التي أكتب فجأة فصاح بي أبو سلمان والزميل الصدوق سعود العصفور: “اقلط على سبرك الله محييك”، وفتحوا أمامي كل الأبواب والنوافذ المطلة على حدائق الصحافة الغناء، وتلك حكاية كان يفترض أن أضمها للفقرة أو التهمة الأولى من المقال، ولكن “كل طيب ملحوق”، وإن طال أمد السطور، واللهم طولك يا روح حتى نوفي كل تناقضات الوشيحي الجميلة حقها ونرد لجمال صداقته جميلها المعهود.