آراؤهم

زيارة روحاني ونقطة الانطلاق

لطالما ترددت في كتابة هذه السطور ولفترة طويلة كانت تحوم هذه الفكره في ذهني، وكان مصدرها سؤال تفرعت منه العديد من الأسئلة تبدأ : لمصلحة من تعميق الصراع العربي الإيراني؟

في البداية أعود إلى الأسباب التي قادتني إلى تأجيل هذه الفكرة حتى يومنا هذا وإلى الدوافع التي جعلتني أطرح هذه الفكره في يومنا هذا.

في أحيان ومع كل تصريح يُبطن أو يظهر تهديد من قبل بعض القيادات في طهران يدفعني للعودة  لأراجع حساباتي في طرح هذه الفكرة.

ومع حقيقة أن إيران قَدمت نفسها للمنطقه عموماً على انها وصية على مكّون اجتماعي  في دول هذه المنطقه وعلى انها حاميه لمذهب معين لتنسف مفهوم ومضمون المواطنه في تلك الدول أجد نفسي أعود خطوه أخرى في طرح هذه الفكره.

وأحيان أخرى وبالتحديد أمام كل خبر على القبض على خلية ارهابية تابعه لإيران في دول مجلس التعاون الخليجي لتهدد أمن هذه الدول أجد نفسي أعود خطوات في طرح هذه الفكره.

أما دوافعي لعرض هذه الفكره في يومنا هذا، تبدأ بزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الكويت لعرض فكرة الحوار بهدوء مع دول المنطقه.

امام مجموعه من الحقائق لا يمكن التقاضي عنها فمجرد السماع عن سباق التسلح جراء هذه الصراع الذي  وصل الىارقام مهوله لا يمكن تصديقها فنحن نتحدث عن انفاق سنوي في دول مجلس التعاون يفوق ال300 مليار دولارسنوياً!

وأمام اننا نرى بأن التصوير الحقيقي الذي من المفترض ان يكون لأي صراع لنا هو صراع عربي-اسرائيلي يكاد ان يكون تلاشى وتقهقر للوراء إلى مدى غير منظور، وحّل محله صراع عربي-ايراني.

وأمام اننا نرى بأنه الخلافات المذهبية بدأت رويداً تتحول إلى صراعات بداخل المجتمعات ولها من يوقد نارها منقبل بعض المتكسبين سياسياً من هنا وهناك، الذين تحول هذا الخلاف الى مصدر رزق وشريان حياة لأفكارهم المضللة.

وأمام حقيقة ان القاسم المشترك الاكبر الذي بيننا وبين الإيرانيين وهو القرآن الكريم الذي حرّم القتل بأسلوب حازم وقاطع، وكما ان التاريخ القريب والبعيد والحاضر القريب يجعلنا نحذر بشده من الحروب الدينية والمذهبيه فالرابح فيها على الدوام أطراف ثالثه لا علاقه لأطراف الصراع بهم!

ففي أوربا التي فقدت ثلث تركبيتها السكانية جراء حرب السنوات الثلاثين بين الكاثوليك والبروتستانت رسالة تاريخية للعالم أجمع ومن الواجب ادراكها!

والآن أجد نفسي أعود ألملم أوراقي، لأسير خطوات الى الأمام و أقف عند نقطة الانطلاق واقول: بشيء من الحكمة وشيء من التسامح بإمكان البشر ان يسمو بعلاقاتهم، ونتجاوز أي خلاف.

ان غياب الحكمه عن أي طرف ليس مبررا ان نجعلها تغيب عنا! و غياب سمة التسامح عن أي طرف ليست مبررا لتغيب عنا!

وضع إيران تحت المجهر يجعلنا نُدرك حقيقة إيران، فالصراع في الداخل الإيراني أكثر شدة من صراع إيران مع الدول المجاوره.

بالوقت الذي يمكننا فيه أن نرى تيار متشدد أضّر بالإيرانيين أنفسهم قبل غيرهم،لا يمكننا ان نغض الطرف عن تيار اصلاحي وصل إلى سدة الحكم برغبة الإيرانيين وحاز على غالبية المقاعد في انتخابات مجلس الشورى الأخيره وهذا التيار الذي كان يقوده هاشمي رفسنجاني قبل وفاته واليوم يُكمل على نفس هذا النهج رفاق دربه حسن روحاني ، وناطق نوري وحسن خميني، جاء هذا تيار بفكرة اصلاحات شاملة ترتقي بعلاقة ايران مع المجتمع الدولي ومع جيرانها تحديداً لإعادة بناء اقتصاد إيران، يلقى هذا التيار معارضة شرسة بداخل من قبل التيار المحافظ وصلت إلى درجة ان طالب بعض أعضاء التيار الاصلاحي بحماية الرئيس روحاني من المتشددين.

إذا كان هناك نور في نهاية النفق فلنسير باتجاهه وإذا كان هذا النور مجرد وهم فليس لدينا مانخسره ان سرنا باتجاهه.

ليس لدينا مانخسره من الجلوس على طاولة الحوار مع الإيرانين، أسوء احتمال ان تكون طاولة الحوار مضيعة للوقت، وأفضل احتمال ان يتم بناء حقيقي على قواسمنا المشتركه -وما اكثرها-  وترميم العلاقة مع الإيرانين الكفيل بإستقرار المنطقة برمتها.

أنهكنا هذا الصراع وأقول انهكنا ولا أقول أهلكنا، وكل ما أخشاه بأن من سيكتب التاريخ بعد سنوات بأن يقول “اهلكنا جميعاً هذا الصراع”.

تعليق واحد

أضغط هنا لإضافة تعليق