أقلامهم

الخصخصة وصراع المصالح.. وزارة الصحة مثالاً

نشغلت الساحة السياسية في الأسابيع القليلة الماضية بموضوع الصراع الذي يدور داخل وزارة الصحة، والذي يبدو أنه صراع مصالح طفا على السطح بعد شروع الحكومة في تنفيذ سياسة خصخصة المستشفيات العامة والخدمات الصحية بدءا من مستشفى جابر، مثلما جاء في وثيقتها الاقتصادية، علاوة على تنفيذها برنامج “عافية” الخاص بالتأمين الصحي للمتقاعدين، والذي تستفيد منه شركات التأمين والمستشفيات والعيادات والصيدليات الخاصة، لا سيما أن ميزانية وزارة الصحة تتجاوز، كما ذكرت صحيفة “القبس” يوم السبت الماضي مليارين و500 مليون دينار سنوياً، وهو، مثلما نرى، مبلغ ضخم للغاية يسيل له لعاب المتنفذين، وأصحاب المصالح الخاصة والشركات الكبرى.

بصياغة أخرى فإن الصراع في وزارة الصحة ليس صراعاً ضد الفساد، ولن ينتهي باستقالة الوكيل كما تُروّج بعض وسائل الإعلام التي لدى ملاكها مصلحة مباشرة بالسيطرة على خدمات الوزارة، بل هو صراع مصالح مالية، إذ لو كان صراعاً ضد الفساد بالفعل، والذي يقال إنه مستشرٍ في الوزارة، وسبق أن تحدثت عن بعض مظاهره الصارخة بعض وسائل الإعلام لا سيما وسائل التواصل الاجتماعي، كما تحدث عنه أيضاً عدد من أعضاء المجلس، لتمت إحالة الوزير السابق، باعتباره مشرفاً على تنفيذ السياسة الصحية للحكومة، إلى محكمة الوزراء بتهم واضحة ووثائق كاملة (تضامنت معه الحكومة أثناء استجوابه في المجلس السابق)، ثم إحالة كبار المسؤولين بدءاً من الوكيل والوكلاء المساعدين إلى التحقيق، ثم إلى النيابة العامة لمن يثبت أن له علاقة بقضايا الفساد، مع توجيه تُهم محددة وواضحة لأشخاص بعينهم، وإرفاق مستندات وافية، ووثائق كاملة، وأدلة واضحة.

صراع المصالح المرافق عادة لعمليات الخصخصة معروف بأنه صراع شرس تغيب عنه الشفافية، وتستخدم فيه الشركات الخاصة الكبرى وأصحاب المصالح والنفوذ وسائل متعددة، بعضها غير مشروع مثل الرشا التي تسمى أحياناً “عمولات”! كما ترفع أثناءه شعارات إعلامية مضللة، وتتم الاستعانة ببعض أعضاء المجلس الذين تم دعمهم في الانتخابات من أجل هذا الغرض، وأيضاً كبار البيروقراطيين الذين ينفذون ما يملى عليهم، أما نهاية صراع المصالح فهي عبارة عن عملية احتكار للمرافق والخدمات وذلك لمصلحة الأقوى اقتصادياً وبالطبع سياسياً.

ومن المتوقع أن تشهد الساحة المحلية في الفترة القادمة صراعات سياسية ومصلحية شرسة ومماثلة لما جرى ويجري في وزارة الصحة، وذلك عندما تبدأ الحكومة بتنفيذ ما تبقى من برامج الخصخصة الشاملة، أو بالأحرى التصفية الشاملة التي ورد ذكرها في وثيقتها الاقتصادية.