أقلامهم

تغييرات المنطقة.. وتراجع القيم

تجددت في الآونة الأخيرة العديد من المعلومات والتحليلات بل والتسريبات التي تشير إلى أن منطقتنا مقبلة على تغييرات مزعجة، تغييرات تتمثل باستكمال الشرق الأوسط الجديد الذي يتضمن تقسيم دول المنطقة، وعلى وجه الخصوص سوريا والعراق وليبيا، وكذلك ضم دول لأخرى، وهو ما تشير إليه بعض التحليلات لاختفاء واندماج بعض الدول العربية والخليجية.
وتغييرات أخرى ترجح قيام حرب ذات أبعاد طائفية، إيران طرف فيها وربما تُوجه ضربات لمنشآتها النووية، وقد يشهد التغيير قيام دول جديدة، كتقسيم العراق لثلاث دول مثلاً.
وهي تغييرات لإضعاف قدرة الدول العربية والإسلامية بالمنطقة، وهو ما يعني تحقيق تفوق كامل لدولة الكيان الصهيوني إسرائيل وتعزيز قدراتها وتحكمها بالمنطقة ونزع فتيل قضية فلسطين بإقامة دولة فلسطين المنزوعة القدرات والسلاح.
***
في حقبة الستينات من القرن الماضي، كان أهل الكويت يمتازون بالتلقائية والعفوية الصادقة، فتجدهم واضحين في آرائهم، وتعابيرهم لا يداخلها التكلف ولا المجاملة، الناس – كما يقال – كانوا يعيشون على سجيتهم، حتى تواصلهم الاجتماعي كان نبيلاً ولأسباب ودية كاملة، تزاورهم كان مظهراً يطغى على حياتهم، علاقاتهم، أحاديثهم، مظاهرهم، ملابسهم ومشاعرهم كانت جميعاً طبيعية وتلقائية، ولم تكن لديهم عقد ومظاهر مرضية في سلوكهم ولا مشاعرهم تجاه بعضهم، كان التسامح مظهراً بارزاً في تعاملهم والتواضع خلقاً تلمسه في الكبير قبل الصغير، في ذلك المجتمع نشأت وفي معيته ترعرعت ومن نبل أخلاقه وسلوكياته تغذيت، وكانت تلك بالنسبة لي مدرسة وثقافة منها تخرجت وبآدابها تزودت. منذ ذلك الوقت وحتى اليوم مضى ما يزيد على أربعين سنة عايشت شخصياً فيها تغييرات كبيرة مريعة ومخيفة ومحزنة لما آلت إليه أحوال أبناء بلدي، فقد صار الناس غير الناس، فقد تلاشت الكثير من قيم التواصل وحسن الظن وتمني الخير، وحل مكانها الحسد والتصنع والتكلف في العلاقات الاجتماعية، وتراجعت الحماسة والغيرة الوطنية، وصارت المصلحة رائد معظم الناس في التعاطي مع القضايا الوطنية، وصار التسلق على الوطن وإهدار مصالحه لمكاسب شخصية وحلب الوطن ديدن كثير من الناس.. ومع دخول فئة جديدة من المواطنين زادت مظاهر السلوك الانتهازي في كل المجالات، وقد ساعد غياب الردع الإداري والاجتماعي على تفاقم مظاهر التحلل من طائفة من القيم النبيلة، ولكن الروح الإيجابية التي تدب في جيل الشباب الواعد اليوم ورغبته في التصحيح وطاقته الإيجابية تعطينا مؤشرات أننا عائدون لتجديد وغرس قيم مظاهر الإيجابية لمجتمعنا الأصيل ومعدنه الطيب.