محمد فاروق الامام
كتاب سبر

آذار وبحار الدم (الحلقة ٢٧)
فصل بعض العناصر من القطر العراقي واستقالة صلاح البيطار من الحزب

بتاريخ 17 كانون الأول 1966م، أصدرت القيادة القومية تعميماً جاء فيه:
(لم يكن الصراع الذي عاشته القواعد الحزبية مع العقلية اليمينية والوصاية مقتصراً على المنظمة الحزبية في القطر السوري وإنما كان يشمل غالبية المنظمات الحزبية في الوطن العربي.. وإذا كانت حركة 23 شباط والمؤتمر القطري الاستثنائي بتاريخ 10/3/1966م، والمؤتمر القطري العادي الثالث قد حسمت هذا الصراع في منظمة القطر السوري.. فإن المؤتمر القومي التاسع قد أكد في قراراته الواضحة ضرورة وضع حد نهائي لتسلط أصحاب هذه العقلية على مستوى الحزب بأكمله.. وتحقيق الفرز العلمي لها وبترها وإلى البد من جسم الحزب.. هذا الموقف الذي تمليه وحدة الحزب القومية الفكرية والسياسية والتنظيمية.. والذي يضع حداً نهائياً لحالة الميوعة والانقسام داخل الجهاز الحزبي.. الذي جعل الحزب الواحد وكأنه مجموعة أحزاب.
كما أكد المؤتمر بأن بقاء تلك العناصر بما تحمله من تناقضات ورواسب عشائرية وتخلف فكري وتسلط على المنظمة سوف يعرّض الحزب إلى التخريب والتمزق.. الأمر الذي يعيق تطور الحزب ويفقده القدرة على تحقيق القضية التي يناضل من أجلها.
كما أكد المؤتمر بأن المعركة بأن المعركة التي خاضتها قواعد الحزب مع العقلية اليمينية خلال تاريخ طويل لن يكتب لها النصر بكامل أبعادها ما لم تستأصل ركائز تلك العقلية التي عشعشت طويلاً في جسم الحزب.
وانطلاقاً من مقررات المؤتمر القومي التاسع وترسيخاً لها في ضرورة تحقيق الفرز العلمي وبتر العناصر اليمينية والعشائرية الموالية لعفلق والبيطار.. وغير الملتزمة بقرارات الحزب.. فقد قررت القيادة القومية بجلستها رقم (13) المنعقدة بتاريخ 17/12/1966م، إعلان فصل العناصر التالية أسماؤهم من منظمة الحزب في العراق:
(أحمد حسن البكر التكريتي، وصالح مهدي عماش، وصدام حسين التكريتي، ويحياوي التكريتي، وعبد الخالق السامرائي، وكريم الشيخلي، ومرتضى الحديثي).
القيادة القومية
كما نشر الأستاذ صلاح الدين البيطار بعد 23 شباط 1966م – بعد هربه من سورية ولجوئه إلى لبنان – بياناً أعلن فيه انسحابه من حزب البعث العربي الاشتراكي.. نشرته جريدة (الجريدة) البيروتية يوم 10 تشرين الثاني 1967م جاء فيه:
(ليسوا قلة أولئك الذين يعرفون أني ابتعدت منذ مدة غير قصيرة عن حزب البعث العربي الاشتراكي.. وعن جميع قياداته ومؤسساته.. ولاسيما بعد الثامن من آذار.. ففي أيلول من ذلك العام؛ وعند انعقاد مؤتمر الحزب السادس.. أدركت أبعاد الخطة ضد الحزب.. ضد حقيقته وأصالة تاريخه.. وضد بنيته الداخلية وتنظيمه القومي.. وضد قادته الذين يمثلون قيمه.. تلك الخطة التي اتخذت من رغبة عامة في تجديد الحزب سبيلاً لإقامة حزب جديد. لقد كنت أول من حذر إلى حتمية سقوط الحزب في متاهات الفكر والسياسة والتنظيم.. ولكن تحذيري لا يعني تبرئة نفسي من حملي نصيبي من المسؤولية).
(لقد عدت إلى رئاسة الحكومة مرتين فيما بعد.. وقد كانت المحاولة الأولى عقب حوادث حماة ودمشق (قصف جامع السلطان في حماة ودخول الدبابات حرم الجامع الأموي في أيار عام 1964) ولم تدم أكثر من أربعة أشهر عندما طوح بالحكومة التي كنت أرأسها. وكانت المحاولة الثانية في أواخر كانون الأول عام 1965م بعد حل اللجنة العسكرية.. وعقب حل القيادة القطرية.. ويومئذ توليت رئاسة الحكومة وأعلنت في بيان أذعته على الشعب ضرورة انكفاء الجيش عن المواقع السياسية.. وضرورة عودته إلى عسكريته.. وضرورة عودة الحزب إلى الشعب وإلى حقيقته القومية الجماهيرية.. غير أن الانقلاب الذي وقع في 23 شباط 1966م قضى على هذه المحاولة).
(وبعد تحليل موضوعي للأحداث التي أعقبت نكسة الثالث والعشرين من شباط ونكبة الخامس من حزيران رأيت الواجب القومي يفرض علي أن أعلن استقلالي عن حزب البعث العربي الاشتراكي بجميع منظماته وقياداته على مختلف أشكالها وألوانها).
(إن النكبة القومية (نكبة هزيمة حزيران) لم تكشف عن عجز حزب البعث وحده.. فالأحزاب والمنظمات العقائدية الأخرى لم تكن أحسن خطاً).
محاولة انقلاب 8 أيلول 1966م
قام بهذه المحاولة مجموعة من الضباط البعثيين يتزعمهم الضابطان (سليم حاطوم – عضو اللجنة العسكرية التي خططت ونفذت انقلاب 8 آذار 1963م – وطلال أبو عسلي).
وقد أخفقت هذه المحاولة وتم إبعاد فئة كبيرة من الضباط البعثيين الذين يدينون بالولاء لهذين الضابطين.