حوارات

مرضى تكسّر الدم “ثلاسيميا” يطلقون صرختهم عبر سبر: مرضنا فتّاك.. ووعود المسؤولين “حبر على ورق”

حاورهم: عياد الحربي

وزارة الصحة تخصص لنا غرفة واحدة فقط لحوالي 400 حالة في مستشفى الصباح

ينتظرون أن نصاب بالسكري وتبتر أطرافنا لكي يتم تصنيفنا ضمن فئة “المعاقين”

من ينظر في الموافقة على تصنيفنا كـ” معاقين” ليس مختصا بأمراض “الدم”

صرخة مؤلمة أطلقها عدد من مرضى تكسّر الدم التقت بهم سبر يعانون حسب وصفهم من “عدم مبالاة المسؤولين في وزارة الصحة لحالتهم الخاصة والنادرة، لاسيما وان عدد من يعانون من هذا المرض ليس بقليل في الكويت “400 حالة من رجال ونساء” لذلك يستحقون رعاية خاصة وتوفير لكافة احتياجاتهم في مركز واحد يراعي ظروفهم الصعبة التي تمنعهم من التنقل طويلًا بين مسافات بعيدة.

عدد من هؤلاء المرضى أكدوا في حديثهم ل سبر بأن الرعاية الحكومية شبه غائبة، ويأتي هذا لعدم إدراكهم أو وعيهم بطبيعة مرضهم الخطيرة التي تحتاج إلى رعاية خاصة على حد قولهم.مطالبين في الوقت ذاته بحق تصنيف حالتهم كـ”إعاقة” تضمن لهم أبسط حقوقهم.

سبر التقت عددا من هؤلاء المرضى الذين فضلوا عدم كشف أسماءهم أو عرض صورهم الشخصية لكي لا يسبب نشرها متاعب مع الإدارة المسؤولة عن حالاتهم الصحية.. فكان هذا الحوار معهم:

متى بدأت معاناتكم مع هذا المرض؟

المريض الأول: بدأ معاناتي مع المرض مذ كان عمري ثمانية أشهر، وعمري الآن في الأربعينات.

المريض الثاني: بدأ معي المرض وعمري سبعة أشهر وعمري الآن في الثلاثينات.

هل توفر لكم الدولة رعاية خاصة؟

المريض الأول: نهائيًا لا توجد أي رعاية لنا، ولا مركز خاص لحالاتنا، لأننا في بعض الأحيان نحتاج إلى دكاترة بتخصصات مختلفة، مثل دكتور متخصص في العظام وآخر للغدد وغيره للقلب والكبد، هذه جميعها تخصصات مختلفة يجب أن تكون في مركز واحد لكي نعرف كيف نتابع حالتنا الصحية، بينما في الوضع الحالي كل دكتور في مركز بعيد عن الثاني.

المريض الثاني: من معاناتنا أنه احيانا تكون لدينا مراجعة في مستشفى الصباح وبعدها نذهب لـ”الأميري”، وفي كل مرة تكون هذه المراجعات بعد أخذ مواعيد طويلة.

الم تقابلوا أحدا من المسؤولين للنظر في حالتكم؟

المريض الأول: قابلنا وزير الصحة د. جمال الحربي في الوزارة نحن ومجموعة مرضى ووعدنا خيرا ولم نر منه أي تغيير حتى هذه اللحظة.

ألا يوجد مراكز مخصصة في كل قسم لحالتكم؟

المريض الأول: مستشفى الصباح يوجد فيه غرفة واحدة فقط مخصصة، فيها سرير وكرسيين وممرضتين فقط، ولكن هل من المعقول 40 مريضًا يتم تخصيص لهم غرفة واحدة فقط!؟المسؤولون في مستشفى الصباح لا نسمع منهم إلا الوعود فقط بتخصيص جناح خاص لنا.

المريض الثاني: كلامهم على ورق دون فعل، وكل مسؤول لا يبقى في منصبه أكثر من سنة وأقصى ما يمكن أن يوعدنا فيه، هو تخصيص جناح فقط، وحاجتنا الأساسية هي في تخصيص مركز لحالتنا، هنالك مستشفى خاص لهشاشة العظام وهنالك تبرعات لمنطقة الصباح الطبية، وهنالك مراكز لغسيل الكلى والهشاشة، ما هي المشكلة لو يتبرعون لأمراض الدم؟

وكيف ممكن حل هذه المشكلة؟

المريض الأول: لا يوجد لها حل حاليًا، أنا حياتي كلها منذ الصغر أراجع كل ثلاثة أسابيع، وكل مرة تظهر معي مشكلة جديدة في القلب، وبعد ما ندخل العيادة اكتشف إن عندي ضربات القلب غير سليمة وفي مشكلة في الطحال.

المريض الثاني: أنا في شهريّ فبراير ومارس أخذت 15 كيس دم خلال 60 يومًا، وكنت محتاج أكياس أكثر، ولم استطع الحصول عليها، وكان هناك دكتورة في قسم الباطنية عارفة حالتنا، وساعدتنا، رغم إنه ليس من تخصصها أمراض الدم ولكن عندها خبرة.

هل تتلقون المساعدة من طبيب مختص بحالتكم في كل مرة تحتاجون فيها المساعدة؟

المريض الأول: المشكلة ربما تكون في دكتور الخفارة أيام العطل والساعات المتأخرة من الليل، لأنه سيعطينا مسكن ولن يهتم بأمرنا.

المريض الثاني: نحن نأخذ احتياطاتنا قبل العطل الرسمية “عشان ما نتوهق”، ولو نسينا أن نذهب قبل العطلة بنك الدم لن يفتح، ونضطر للانتظار من 3 إلى 4 أيام.

ما حجم المعاناة التي تتعرضون لها خلال فترة انتظاركم؟

المريض الأول: بالتأكيد.. أشعر بأن عظامي كلها عبارة عن كهرباء، غير الاكتئاب وتصيبني المزاجية، ومن الصعب أن تجد أحد يفهم حالتك، وكل مرة احتاج برودة مختلفة للغرفة التي سأنام فيها، وكل مرة أطفي المكيف وأرجع أشغله.

المريض الثاني: والبرودة تأثّر علينا داخليًا، ونتحسس منها.. وفي الصيف، الحر يتسبب في صداع لنا، ولو نطلع مشوار الصبح أرجع من السيارة “قلبي يرجف”، وفي وضعنا الطبيعي “دمنا يتكسّر”، فما بالك في مثل هذا الطقس.

فقط العوامل الخارجية تؤثر على حالتكم؟

المريض الأول: هنالك عوامل طبيعية وأخرى بيئية، ولكن مشكلتنا الأساسية “بيولوجية”.

المريض الثاني: نحن “أوتوماتيكيا” جسمنا لا ينتج دم، والخلية الطبيعية في جسم الإنسان تعيش 90 يومًا، ولكن نحن خليتنا تموت خلال 24 ساعة، يعني بمجرّد ما أخذ الدم من المستشفى، وأنا طالع “دمي يتكسّر”.

ما مدى انتشار مثل حالاتكم في الكويت؟

المريض الأول: العدد قليل نوعا ما، حوالي من 400 إلى 500 فقط، ولكن في أجانب يدخلون الكويت ويكتشفون حالاتهم، بينما في كويتيين يكتشفون حالته قبل فحص الزواج.

المريض الثاني: وكذلك في أجانب متزوجين وينجبون هنا في الكويت، ويضيفون حالة الولد إذا اكتشفوا إصابته بـ”تكسّر الدم”.

هل يؤثر القادمون من الخارج على الرعاية الصحية المخصصة لكم؟

المريض الأول: نعم.. لأن كل غرفة تحصّل فيها سريرين وكرسي واحد، وتحتاج خدمة لكل مريض.

المريض الثاني: مرضنا هذا خطير جدًا، ونحن نعاني من تلفيات في الكبد لدرجة إن الحديد إذا زاد نسبة الأعراض الجانبية خطيرة، وفي ناس ماتوا بسبب تراكم الحديد على خلايا الجسم أو الأعضاء مثل القلب أو الطحال أو الكبد.

هل يمكن تصنيف مرضكم تحت بند “الإعاقة”؟

المريض الأول: بالتأكيد، ولكن المشكلة إنهم يعطونا كارت “إعاقة متوسطة” وهذا الأمر يتم بعشوائية، وحالات كثيرة أعطوها إعاقة بسيطة وليست متوسطة، وفي منهم شديدة ولكنهم “مخربطين” بينهم لأن الأمر يتم بعشوائية.

المريض الثاني: إحداهن قالت لي إن مرضنا لا يعتبر إعاقة، وكانت بس بـ”تصرّفني”، ويقولون إذا صار فيك سكري وانبترت رجلك، في وقتها سنعتبرك ضمن “الإعاقة”.

ما هي معايير تقييم الإعاقة؟ وهل سألتم “الشؤون” عنها؟

المريض الأول: معاييرهم لإعطائنا إعاقة، لازم نعاني من سكري وتبتر رجلك وتعال بعدها يعطونك إعاقة، وكلام الشؤون ولا يتغيّر، قدم تقريرك والدكتور يقرأه ويقيّم حالتك، والمشكلة إن الدكتور الذي يقرر حالتك تخصصه ليس في أمراض الدم، وساعات يكون دكتور متخصص في العظام.

المريض الثاني: ويسألون أسئلة غريبة، “تسوق سيارة؟ تقدر تمشي؟” خلاص يعني الإعاقة لا تشملك، وأنا لم أطلب إعاقة حركية، إعاقتي جسدية.

هل ثمة خطورة من العلاج الذي تصرفه لكم وزارة الصحة؟

المريض الأول: علاجنا الذي نأخذه يعرضنا لفشل كلوي مفاجئ، وعليه تحذير بأنه يسبب فشل كلوي مفاجئ.

المريض الثاني: فائدته إنه يسحب الحديد من الجسم ويخرجه على شكل “براز”، يعني ممكن يفيدك في ناحية ويضرك في ناحية ثانية.

ما هو الأثر النفسي الناتج عن معاناتكم المرضية؟

المريض الأول: عندنا ملفات في الطب النفسي وأنا حاولت الانتحار بسبب حالة الاكتئاب التي تصيبني لغياب الرعاية وإهمال صحتي.

المريض الثاني: المساندة النفسية “صفر” عندنا، وحتى أخصائي اجتماعي لا يوجد لتوجيهنا، ونحن نناشد المسؤولين والنواب والوزراء وكافة أطياف المجتمع أن يراعوا وضعنا الصحي، ويعلمون بأننا معرضين لحالات نفسية صعبة.

كلمة أخيرة.. لمن توجهونها؟

المريض الأول: هي رسالة يجب أن تصل للجميع، مرضنا فتاك جدًا وخطير، ولو تدخل على “قوقل” وتبحث عنه، ستعرف كم هي المعاناة التي نعانيها، ويؤثر علينا ذهنيا، نحن نعيش كل يوم معاناة جديدة، من غياب الرعاية الحكومية وعدم معرفة الكثير بوضعنا الصحي.

المريض الثاني: نحتاج إلى حملة توعوية ليعرف كافة المجتمع تأثير هذا المرض على حياتنا، واستحقاقنا لرعاية صحية خاصة، وصعب علينا أن نبحث عن واسطة لكي نحل مشاكلنا الخاصة، نحن لا نرضى أن نتجاوز القانون، ولكن إهمال الحكومة هو الذي سيدفعنا لاتخاذ مثل هذه الأساليب.

الوسوم