آراؤهم

لازلنا نتذكر ولكي لا ننسى

تدور عجلة الحياة لتدفع الأيام لتمضى بنا إلى عالم المجهول ، تدور وتدور لنواجه أعباء الحياة بكل ظروفها ، السعيدة منها والحزينه ، ولكن مهما مرت علينا من ظروف بشتى أنواعها فلن تمر على الشعب الكويتي ذكرى مؤلمة كذكرى الغزو العراقي الغاشم ، ذكري قاسية بكل ما تحمله هذه الكلمة ، تحمل بين طياتها رواية غدر وخسة من كنا نظنه أخٌ وصديق ، من كنا نعتقد بأنه السند والعون وقت الضيق ، لكنه كان يضمر للكويت شر وحقد دفين ، فغرس في يوم الخميس الأسود ( 1990/ 8 / 2 ) خنجر الغدر في خاصرة الكويت واستباح حرمة أراضيها وشرد شعبها وأسال دماء الكويتيون على أرصفة الطرقات ، لم يراعي ذاك الطاغية الجيرة وتنكر لوقوف الكويت معه ومع الشعب العراقي لسنون طويلة ، بل صب جل حقده على الكويت وصال وجال في شوارعها ليقتل الأطفال قبل الشباب ويهتك العرض ويسلب الأرض ، ولكنه غفل عن أمرٌ واحد وهو أن الكويت رغم صغر حجمها إلا أن بها رجالٌ يدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة ، وأن حب الكويت مغروس في نفوس شعبها وأنهم لن يتخلوا عنها مهما حصل ، فحملوا السلاح وكافحوا بكل حماس ودافعوا عن أرض الكويت رغم أن كفة النصر كانت تميل للغزاة لكثرتهم وتسلحهم ، ولكن الكويتيون واجهوا الغزاة بكل عزيمة وإصرار وضربوا أروع الأمثلة في التضيحيات ، فمنهم من كان شهيدً وأسيرً ، ومنهم من قاوم وكان في حياة الذل زهيدً .
ذكري الغزو مهما سطرنا لها من كلمات وحروف لن نوافيها حقها في السرد ، فهي مزيج من الشعور بالصدمة والحزن وإحساس الفخر والفرح ، قصة قد يعجز كبار المؤلفون عن تأليف فصول حكايتها ، ونحن ككويتيون وبعد مضي كل تلك السنين على الغزو العراقي الغاشم إلا إننا نشعر بغصة لما حدث ، وما زالت هناك بعض الأسر تعاني من ذلك الغزو ، فمنهم من فقد الأب أو الزوج والأخ وهناك من فقد الزوجة والأخت وهناك المفقود الذي لم نعثر على رفاته ونحتسبهم عند الله شهداء ، لم تعالج السنين حرمانهم من أحبابهم .
8 / 2 عندما كنا كقوات مسلحة منوط بها الدفاع عن أرض الوطن ضد من يعلن عداوته ويعد عدته للحرب ، ولم يكن ضمن أهدافنا إعداد العدة والعتاد ضد دولة جار وشقيق كان قد بيت النية للغدر والغزو .
8/ 2 عندما حاولت كل وحدات القوات المسلحة كلٍ من موقعه ، صد الغزو العراقي الغاشم ورغم الصدمة بذلنا بكل ما أوتينا من عزيمة وإرادة وما توفرت لنا من إمكانات ، حاولنا صد هذا العدوان ولكن عنصر الغدر والمباغتة ألحقت بنا الخسائر ، والكثرة تغلب الشجاعة .
أصبحنا وآخرون أسرى حرب دون حرب تندلع ، فالغزو لا يعتبر حربًا ، بل غدرًا وخيانة.
وكانت رحلة الأسر المريرة جداً ، كنا أشبه بأموات نسير على الأرض ، لا نعرف مصيرنا ولا نرتجي فرصة للنجاة في ظل نظام طاغٍ لا يقر ولا يعترف بمواثيق أسرى الحرب ..
كنا نموت باليوم الواحد ألف مرة ونحيا ، لكن في المقابل كنا على ثقة بأن الله معنا مع الحق ومع الكويت التي كانت ولا زالت مناصرة للمستضعفين في الأرض ، وكنا نشعر بهذه الثقة أن النصر قريب ، فعشنا شهور الأسر والإذلال على هذا الأمل ، إلي أن جاء يوم 1991/2/26 يوم تحرير الكويت ،، ويوم 1991/3/27 يوم إطلاق سراحنا والعودة لأرض الكويت ،، للوطن الحبيب .. وطن الاوطان .
الغزو رغم مرارة ذكراه الا أنه وحد صف الشعب الكويتي ووحد كلمتهم تجاه قيادتهم الشرعية ، فهنيئا للكويتيين بهذه الأرض الطيبة ، وهنيئاً للكويت بمثل هذا الشعب المخلص .. ولكي نتذكر ولن ننسى .. ودمتم سالمين ..

ناصر سالمين

العقيد الركن متقاعد ناصر سالمين (الأسير المحرر)
@prisonerkwt1990