آراؤهم

“هذرلوجيا” التعليم

في وقت كثرت فيه الشهادات العلمية ، وفي زمن أصبحت المسميات الأكاديمية في التعليم لا تعد ولا تحصى ، فما بين دكتور في طرق التعليم وبروفسور في علم المناهج يأتينا مدرب معتمد في شرح التدريس ، وبين هذا وذاك تتصارع المسميات وتتزاحم الألقاب إلى أن بدأنا نشعر بأن الميدان أصبح يعيش في حالة من الهذرلوجيا التعليمية ( الفراغية ) التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، والدليل ما يشاهده الجميع في مخرجات التعليم على أبناءنا الطلبة.
فها نحن اليوم قد دخلنا وأدخلت الدولة الطالب في عالم التطور والتكنولوجيا، وجميع المناهج العالمية التي خرّجت العلماء والمفكرين ومن قادوا العالم إلى الإمام في بلدانهم، ومع ذلك لا نزال نجد بأن خريج الثانوي لا يعرف الفرق بين التاء المربوطة والمفتوحة وخريج المتوسط لا يزال يتهجى بين اللام القمرية والشمسية ، عن أي تطور في المنهج يحدثنا ذاك الدكتور ( الهذرلوجي ) وطلابنا لا يزالون لا يعلمون ما هو الفرق بين الجبر والكسر في الرياضيات ، وعن أي تدريب في طرق التعليم التي يهرّج بها علينا ذاك المدرب الدولي المعتمد صاحب الشهادات التي بلغ عددها ألف شهادة وهو لا يعرف أن يلقي محاضره واحد ( عليها القيمة ) عن كيفية القدرة على التعليم .
مسميات علمية وشهادات دراسية عليا متغلغلة في جميع مفاصل العلم والتعليم ومع ذلك لا يزال المتعلم في تراجع والى الخلف يسير ، على عكس الماضي والذي كان المعلم لا يكاد يحمل شهادة الدبلوم ومع ذلك خرج الفكر وخرج العلم ، وتخرج من تحت يده جيل البناء والعطاء ، جيل النهضة والبناء ، جيل القيم المتعززة في الممارسة الذاتية قبل أن تغرس بطريقة التهريج في طابور الصباح .

لنصل في نهاية المطاف إلى قناعة واحدة وهي أن المتعلم لا يحتاج إلى أصحاب الشهادات في مفاصل اتخاذ القرار التعليمي بقدر احتياجه إلى صاحب رسالة يؤمن بأن التعليم يقوم على التربية الأخلاقية قبل الاهتمام بالمنهج ، وعلى القيم التربوية قبل التركيز على مدى شطارة المتعلم في محصلة الدرجات .

تحية إلى روح طائر الشمال سليمان الفليح صاحب زاوية ( هذرلوجيا ) والذي الهمني المصطلح الجميل.

صالح الرحمي