فن وثقافة

“قيامة أرطغرل”: تجدد وجوه المسلسل سببه تعدد خصوم البطل

رحلة أكاديمية، وشوق لمعرفة التاريخ، وأمور عديدة أبرزها المتابعة الدقيقة لسير عمليات الإنتاج والتصوير، هي مفاتيح سر النجاح التي عددها مهندس مسلسل “قيامة أرطغرل”، الكاتب والمنتج محمد بوزداغ.

وفي حوار مع الأناضول، تطرق بوزداغ بشكل موسع عن المسلسل الذي طرق أبواب أكثر من ملياري مشاهد على مستوى العالم، وأحبته شعوب كثيرة على مدار خمس سنوات، ومنها العالم العربي.

**فكرة المسلسل**

بوزداغ استهل حديثه بالإجابة على سؤال حول أصل فكرة إنتاج المسلسل التي أرجعها لعدة عوامل، حيث قال “عندما كنت طالبا للتاريخ خطرت في بالي دوما تساؤلات الفترة الزمنية التي سبقت القرن الثالث عشر بمنطقة الأناضول، فالأتراك وصلوها عام 1071”.

وأضاف “كانت هناك حملات مغولية اعتبارا من عام 1243م، وقبلها حملات صليبية في العام 1096، لكنها لم تنجح في تأسيس أي دولة، في حين نجح الأتراك في ذلك، فما الذي يقف خلف هذا، وهو سؤال تاريخي وسسيولوجي مهم يحمل قوة كبيرة لتشكيل المستقبل”.

ولفت أنه “عندما كان مشغولا بهذا الأمر، بدأ كتابة السيناريوهات والمقالات، وتسجيل الوثائقيات عن التاريخ العثماني”.

وأضاف “سألت التاريخ سؤالا، وأجابني بأجوبة كثيرة، جعلني أخرج بمشاريع عديدة، من كتابة المقالات والسيناريوهات وتصوير الأفلام وكتابة الأبحاث والكتب”.

وشدد على أن “الحكاية بدأت هنا، وبعد التواصل مع مدير مؤسسة TRT ابراهيم إرن، من أجل العمل حول هذا المشروع تم التلاقي والاتفاق على كل شيء وبدأ المشروع يبصر النور، والقناة أعجبت بالسيناريو كثيرا، ثم بدأنا بالعمل على المسلسل”.

**9 أشهر من التحضير**

وفيما يخص التحضيرات التي سبقت المسلسل، تقنيا ولوجستيا، أفاد المنتج بأن “التحضيرات شملت تحضيرات علمية أكاديمية، امتدت لأكثر من 10 سنوات (يقصد تحصيله العلمي)، لكن التحضيرات الفنية استغرقت قرابة 9 أشهر”.

وبرر ذلك بالقول “كتابة الحكاية على الورق أمر سهل، لكن التحدي يكمن في تجسيده على الأرض، فليس هناك مصنعون للخيم التاريخية المطلوبة في تركيا، وهناك حاجة إلى خلفية علمية”.

وأردف “الخيول المدربة أيضا، والتي تركض سويا، عددها قليل في تركيا، وكانت هناك حاجة إلى كومبارس، وهم غير مدربون، تم تطوير كل شيء للوصول إلى الغاية المنشودة، عبر نظام جرى العمل عليه”.

وكشف أن النظام الذي تم العمل عليه “بدأ بتدريب الخيول بعد شرائها، ثم تسييسها وتقريبها من الفنانين، فكان مهما إدراك تصرفات ركوب الخيول في تلك الفترة، ثم جرى إعداد الخيم واختيار بقية الفنانين”.

**مفاتيح النجاح بالمتابعة الدقيقة**

أما فيما يتعلق بنجاح المسلسل، أوضح بوزداغ، “النجاح هو كرم من الله بداية، التحضير للعمل مهم، وكادر العمل أيضا مهم، يعملون بكل حب مع المخرج، وجميع الفنيين يبذلون جهدا كبيرا، والقناة أيضا كذلك”.

وأضاف “لست منتج المسلسل فقط، بل مصممه أيضا، السيناريو والحكاية والأزياء واختيار الممثلين، كلها تتم من خلالي من الألف للياء، فأنا من يتخيل المشهد، ولهذا أعطي المهمات للممثلين والعاملين، لكن مهما كانت السيطرة موجودة فأنت بحاجة لفريق قوي يفهم عليك”.

وشدد على أنه “إن لم تحصل المتابعة فلن يتحقق النجاح، فالعمل التاريخي صعب، ولأنك مصمم البرنامج لديك خيال يجب شرحه بشكل جيد، فأنت من تعرف مسار الشخصيات وتتخيل الأشياء المستخدمة، وشكل القبيلة”.

**الإسقاط الحالي**

وردا على سؤال حول ارتباط سير الأحداث في مسلسل “قيامة ارطغرل” بواقع العالم الإسلامي المعاصر، أفاد أن “علوم الاجتماع والتاريخ لها هم علمي، وجدت بأن العالم الإسلامي في القرن 13، والعالم الإسلامي في الوقت الحالي يشبه بعضه كثيرا”.

وزاد “الأمم لتتجاوز المراحل الصعبة، بحاجة لأن تأخذ خبرات حضارات أخرى مجاورة، وهناك عالم إسلامي استطاع تجاوز آثار الحملات الصليبية، وعدم الاستفادة من خبرة التجاوز هذه خطأ كبير، وفترة الخلاص هذه بحكم المرآة، يمكن أن نرى أنفسنا فيها، فأبطال تلك المرحلة، وعالم تفكيرهم ومواقفهم السياسية والأحوال الاقتصادية، تخبر الكثير عن وقتنا الحالي، وانطلاقا من تلك المرحلة يمكن ضبط نفس الأمور لتجاوز واقعنا الحالي، وإن نجحنا بذلك فهو أمر جيد”.

وردا على سؤال حول سير الأحداث في المسلسل بشكل يشبه واقع العالم الإسلامي، أفاد “علوم الاجتماع والتاريخ لها هم، وسألت نفسي كعالم وطامح لكوني أن اصبح أكاديميا، ان العالم الإسلامي في القرن 13، والوقت الحالي يشبه بعضه كثيرا”.

وزاد “الأمم لتتجاوز هذه المراحل بحاجة لخبرات حضارات أخرى، وهناك عالم إسلامي استطاع تجاوز آثار الحملات الصليبية، وهذه الخبرة والفائدة عدم الاستفادة منها خطأ كبيرا، وهذه الفترة بحكم المرآة يمكن ان نرى انفسنا فيها، فأبطال تلك المرحلة، وعالم تفكيرهم ومواقفهم السياسية والأحوال الاقتصادية، تخبر الكثير عن وقتنا الحالي، وانطلاقا من تلك المرحلة يمكن ضبط نفس الأمور، وان نجحنا بذلك فهو أمر جيد”.

**الحقائق التاريخية والتجديد**

وفيما يخص موضوع الحقائق التاريخية وضرورات السيناريو، مثل وفاة حليمة سلطان، قال بوزداغ، “معلومات وفاة حليمة سلطان غير مؤكدة تاريخية، وغير معلومة، وما يرد على الإنترنت غير موثق”.

وأردف “هذه الفترة بحسب المصادر معلوماتها قليلة، وهناك مشكلة نجدها أن المشاهد عندما يحب شخصية ما، يخلط بينها وبين التاريخ ويشعر بالحزن، فلا توجد معلومة موثقة حول وفاتها”.

وتابع القول متحدثا عن تجدد المسلسل “مشروع قيامة أرطغرل متجدد كل عام، لأن القصة تحكي سيرته، وهو يواجه الأعداء بشكل متواصل، وسبب التعلق بالمسلسل ينبع من تغير الأعداء وحيلهم ضد أرطغرل، ودخول البطل في مغامرات مستمرة تجذب المشاهد، أحيانا ضد المغول وأحيانا مع الأمور الاقتصادية، ومرات مع الأعداء من الداخل”.

ولدى سؤاله عن كيفية انتهاء هذا الموسم مع أرطغرل، وبدء الموسم الجديد مع مسلسل “قيامة عثمان غازي”، اكتفى بالقول بأنه “لم يتبين الأمر بعد، وستكون مفاجأة”.

**عالمية المسلسل**

وعن تحول المسلسل لظاهرة عالمية، قال “العرب والترك والكرد والفرس كلهم واحد، والمسلمون يجب أن يكونوا يدا واحدة، هناك مسافات شاسعة كبيرة بينهم، ومع المسلسل كأن تلك المسافات التغت، وكثير من المدن هي مدننا، مكة، حلب، دمشق، بغداد، كلها لديها حكايات للأتراك فيها، كما للعرب حكايا في المدن التركية”.

وأضاف “مكانة قصة أرطغرل عند العرب أمر أسعدني، وهناك إعجاب بالمسلسل في كثير من دول العالم والأديان والمعتقدات، وعندما تساءلت عن السبب توصلت إلى أن أرطغرل يبحث بالأساس عن العدالة، وبطلنا يخرج في طريقه للعدل، ويؤسس دولته للعدل، ويتخذ قرارته وفقا للعدل، ويضحي بنفسه من أجل العدل”.

وشدد على أنه “في هذا الزمن لا توجد هكذا شخصية، والعالم الإسلامي بحاجة لها، ورسولنا كان رسول الرحمة، وعالمنا الإسلامي يفتقد العدالة، وأرطغرل يقابل العدالة، ونأمل أن يخرج في الفترة المقبلة أبطال مثل أرطغرل ويحققوا العدل”.

وختم بقوله “هناك بعض الانتقادات التي تصلنا ونسمعها ونهتم بها ونتقبلها، ويرى المشاهدون انعكاساتها في المسلسل”.