آراؤهم

“قبل السقوط”

انتشر قبل أيام مقطع مصور لأحد النواب السابقين في مجلس الأمة وهو يتفاخر أمام مجموعة من الأفراد بأنه قام بتوظيف أبناء قبيلتة ويوضح في المقطع بأنه هو أكثر نائب ( ممثلاً عن قبيلتة ) قام في خدمتها ( خدمة القبيلة ) ووفر فرص عمل عن غيره من نواب آخرين ينتمون لنفس هذه القبيلة !.

اليوم بعض نواب مجلس الأمة أصبح منزلهم مزيج مابين ( ديوان الخدمة المدنية ) يقوم من خلاله بتوظيف المواطنين ، و(إدارة العلاج بالخارج) ويقوم بارسال المرضى خارج البلاد لتلقي العلاج ويعد هذا الفعل أحد أشكال ضعف مؤسسات الدولة و صورة قبيحة عن الواقع السيء الذي أصبحنا نعيشه بكل أسف ، من يمارس هذه الأفعال من نواب للمجلس هم في واقع الأمر سعوا لإضعاف مؤسسات الدولة و في ذلك إضعاف للدولة، فليس من وظيفة النائب ( توظيف الأفراد ) و ( ابتعاثهم للدراسة ) و ( ارسالهم للعلاج ) لأن كل ماسبق هي مسؤولية الحكومة ( مؤسسات الدولة ) ، دور النائب الحقيقي هو تشريع قوانين تشمل جميع شرائح و مكونات المجتمع و تقديم المقترحات و مراقبة أداء الحكومة و إن تخلت الحكومة عن دورها بتوفير فرص عمل و تقديم الخدمات الصحية و التعليمية و غيرها من الخدمات التي هي من مسؤلياتها فيجب أن توجه لها المسائلة السياسية.

ماوصلنا إليه من أوضاع غاية في الخطورة .. فقيام أفراد بمهام مؤسسات الدولة هو اضعاف للدولة ، و تخلي هذه المؤسسات عن القيام بدورها الطبيعي التي وجدت من أجله أمر غير حميد على المدى البعيد لأن هذا الوضع يجعل الفرد لايثق في الدولة ولا في مؤسساتها و تلقائياً يصبح لدينا مواطنين متقوقعين خلف عوائلهم و مذاهبهم و قبائلهم لأنهم يشعرون بقوة مكونهم و بتوفيره لأحتياجاتهم بالمقابل إحساسهم بضعف القانون و الدولة !.

النظام العشائري لايتواءم مع منظومة الدولة المدنية الحديثة و إبقاء هذا النظام وعدم التصدي له لتفكيك المجتمع الى مكونات أصغر و بالتالي يسهل السيطرة عليها من خلال إعطائها قليل من الفتات لإسكاتها عن أمور أكبر و أعمق !!.

العمل السياسي الفردي عرقل التطور الديمقراطي لدينا ، ومايحدث الآن أن الجميع يدور في نفس الحلقة، ولن يحدث الفرق دون عمل جماعي منظم بإشهار الأحزاب ذات الطابع المدني والتي تحمل برامج و أفكار و أولويات واضحة تقضي على العمل الفردي المصلحي والنظام العشائري القبيح الذي شوه الوجه الجميل للديمقراطية … بصراحة مانعيشه اليوم هو نتاج اختياراتنا الخاطئة ، اختياراتنا المبنية على أساس قبلي ، عائلي ، مذهبي وبنظام ناتخابي استهلك كثيراً . لن نخرج من هذه الدوامة قبل أن نطور من هذا الوضع القائم.

أخيراً … نحتفل في فبراير من كل عام و نغني بحب الوطن ولكن ما أن يأتي الدور لأختيار من يمثلنا في أهم مؤسسة و هي المؤسسة التشريعية حتى نسقط في حلبة الإنقسام … الإنقسام خلف عوائلنا وقبائلنا و مذاهبنا .

نحتاج أن نصحى قبل السقوط!!.

عبدالله المانع