اقتصاد

قصة البائع المتجول الذي أصبح مالكاً لأكبر مجموعة في الفلبين

في قصة نجاح لكثير من مغامرات العديد من العصاميين الأثرياء، نتعرف على حياة «هنري سي» الذي استطاع مجابهة التحديات في الفلبين منذ بدأ عمله بمتجر صغير قبل عقود إلى أن أصبح أغنى رجل في البلاد.
ولد «هنري سي» في الخامس عشر من أكتوبر عام 1924 لعائلة فقيرة في جينجيانغ، تشيوانتشو الصينية، لكنه هاجر إلى الفلبين عندما أكمل عامه الثاني عشر، وعمل لأكثر من 12 ساعة يوميًا في متجر أسسه والده هناك، والتحق بإحدى المدارس الأنجلو-صينية، لكنه عانى إتقان الإنجليزية.

متجر والده

عمله في هذا المتجر أيقظ رائد الأعمال بداخله خاصة بعدما اصطدم بالواقع المزري الذي يعيشه أبوه، فبدأ بوضع استراتيجيات لتعظيم الدخل، وطور عدداً من المنتجات التي يعرضها للبيع، بطريقة جعلت المتجر يشبه إلى حد ما محال البقالة والخضراوات الكبيرة المنتشرة في الوقت الراهن.
كانت استراتيجيات سي ناجحة ومكنته من تحقيق مبيعات قوية، ما جعله ينهمك في العمل أكثر، حتى نسي طفولته وأهمل الأنشطة والألعاب التي عادة ما يمارسها الفتيان في مثل عمره، لكنه أدرك لاحقًا محدودية قدرات متاجر البقالة التقليدية في الفلبين.
يبدو أن وعي سي بعدم قدراته على الانطلاق بقاعدة أعماله نحو المزيد من التوسع لم يكن كافيًا لإحباطه، والأكثر أنه مع احتلال اليابان للفلبين خلال الحرب العالمية الثانية انهار الاقتصاد وركدت حركة البيع والشراء، وفقًا لموقع بزنس تيبس.
لكن الضربة التالية كانت موجعة حقًا، إذ فوجئ الشاب ذات يوم في عام 1946 بألسنة النيران تتصاعد من متجره وتلتهم كل شيء بناه بجوار والده الذي قرر أن يعود أدراجه إلى البلد الأم.

بائع متجول

أصبح سي بائعًا متجولًا كي يتمكن من إعالة نفسه، وفي أحد الأيام أثناء جولة العمل التقليدية أصابته شظية لا يُعلم مصدرها، فنزف حتى كاد يفارق الحياة لولا صديقه الذي هرع به إلى المستشفى.
على الرغم من كل شيء، قرر سي البقاء في الفلبين وبدأ أعماله الخاصة ببيع الأحذية الرخيصة المصنعة في ماريكينا، وفي عام 1949 تمكن من اقتراض الأموال من أحد المصارف الصينية واستخدمه في تعزيز تجارته إذ أسس متجرًا في مانيلا، والذي نمت مبيعاته سريعًا.
لتحسين مهاراته في البيع والشراء، قرر سي الانضمام لجامعة الشرق الأقصى وحصل منها على درجة الليسانس في الدراسات التجارية عام 1950، وحصل آنذاك على الجنسية الفلبينية قبل أن يضطر إلى التخلي عن طموحه الدراسي ويتفرغ لممارسة الأعمال.

نجاح المتجر الأول

مع النجاح الباهر لمتجره الأول في مانيلا، قرر سي وأصدقاؤه التوسع بإنشاء المزيد من الفروع، لكنه فشل في اكتساب ثقة الموردين الذين رفضوا إمداده بالمخزونات الكافية، ليقرر تنويع أعماله ببيع الملابس وغيرها بمساعدة والدته.
في عام 1958، كان سي قد ادخر ما يكفي من المال لتأسيس أول متجر للأحذية تحت العلامة شو مارت، وتزامن ذلك مع عودة الاقتصاد الفلبيني لمساره الصحيح، ورغم إضافة منفذين جديدين سريعًا، لم يكن سي راضيًا عن الأداء فأضاف قسمًا للأجهزة الكهربائية بالمتاجر.
خلال الستينيات توسعت أعماله بقوة، وفي السبعينيات تحولت شو مارت إلى سلسلة مراكز تجارية متكاملة متعددة الأقسام، وتم تغيير الاسم إلى إس إم، وبحلول عام 1985 افتتحت المجموعة مركزاً تجارياً على مساحة شاسعة في مدينة كويزون، واليوم تمتلك 43 مركزًا مثله في الفلبين والصين.

جائزة رجل الإدارة

مع إنجازاته الكبيرة في مجال الأعمال وإضافاته للاقتصاد الفلبيني، حصل سي على جائزة رجل الإدارة لعام 1999 من نادي ماكاتي للأعمال، والدكتوراه الفخرية في إدارة الأعمال، وصنفته وسائل الإعلام كأحد رموز الأعمال الخيرية.
إس إم إنفستمنتس، والتي تعد إحدى أكبر مجموعات الأعمال في الفلبين، إذ حققت إيرادات سنوية قدرها 6.7 مليار دولار عام 2016، وتصل قيمتها السوقية لأكثر من 21 مليار دولار، وتشمل أعمالها قطاعات التجزئة والبنوك والعقارات والسياحة، ويعمل لديها ما يزيد على 85 ألف موظف.

قائمة فوربس

تصدر سي قائمة فوربس لأغنى الرجال في الفلبين طيلة 11 عامًا، ويعكس تدرج قيمة ثروته خلال السنوات الأخيرة قدرة أعماله على مواصلة النمو وتعزيز القيمة، وقُدرت ثروته الصافية بنحو 20 مليار دولار في 2018 مقارنة بـ2.7 مليار دولار فقط في 2009.
من مقولاته الشهيرة: يجب أن يكون لديك حلم، سواء كان كبيرًا أم صغيرًا، ومن ثم تخطط وتركز وتعمل بجد، وينبغي أن تصمم بقوة على تحقيق أهدافك، واعلم أنه لا بديل عن العمل الجاد.