برلمان

الغانم: الكويت وروسيا ترتبطان بعلاقات صداقة متميزة وأواصر ثقة متبادلة

أكد رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم اليوم الاثنين ان الكويت وروسيا ترتبطان بعلاقات صداقة متميزة وأواصر ثقة متبادلة لافتا الى ان مستوى تلك العلاقات يحتاج الى مزيد من التطور لتصل الى علاقات شراكة وتكامل.
وقال الغانم إن العلاقات الكويتية الروسية التي دشنت عام 1963 جاءت في أوج فترة الحرب الباردة وفي ظل أجواء لا تحتمل القسمة على اثنين (فأنت إما في الغرب أو الشرق) في إشارة الى صعوبة تلك الخطوة الكويتية آنذاك.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس الغانم في الجلسة العامة للمجلس الفيدرالي الروسي (الغرفة الأعلى للبرلمان الروسي) وذلك بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها الغانم والوفد المرافق له حاليا لموسكو تلبية لدعوة من رئيسة المجلس الفيدرالي فالنتينا ماتفيينكو.
وقال الغانم “منذ ذاك اليوم عندما بدأت العلاقات الدبلوماسية الروسية الكويتية وحتى هذه اللحظة وإلى أن يشاء الله ظلت الكويت وروسيا ترتبطان بعلاقات صداقة متميزة وأواصر ثقة متبادلة”.
وأضاف “نحن من جهتنا نعترف ان مستوى تلك العلاقات يحتاج الى مزيد من التطور لتصل الى علاقات شراكة وتكامل وهذا هو واجبنا اليوم كبرلمانات وممثلين للشعبين الروسي والكويتي”.
وقال الغانم “زيارتنا اليوم نوليها أهمية قصوى في تدشين علاقات أكثر متانة ورسوخا وأنا لا أتحدث عن علاقات سياسية واقتصادية وعلاقات تتعلق بالتنسيق في مجال الطاقة فقط بل أتحدث عن علاقات ثقافية وفنية وأكاديمية ورياضية وغيرها لأننا نريد أن نستفيد من قوى روسيا الناعمة من جامعاتها وكياناتها العلمية والتعليمية من مؤسساتها الرياضية والشبابية من بناها التحية ثقافيا وفنيا”.
وقال “أنا على ثقة تامة بأن الأفضل قادم بيننا انطلاقا من ادراك الجانبين بأهمية علاقاتنا الثنائية وايمانا بحرص قيادتينا فخامة الرئيس فلاديمير بوتين وسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على الأخذ بالعلاقات الكويتية الروسية الى مجالات أرحب وأوسع لتصبح نموذجا يحتذى”.
وتطرق الغانم في كلمته الى التواصل التاريخي بين العرب والمسلمين من جهة وبين الروس من جهة اخرى قائلا “لا شيء يفصل بين الفضاءين الإسلامي والروسي بل إن مناطق التداخل الجغرافي والتاريخي والثقافي بينهما متشابكة الى حد يصعب معه ان ترسم حدوده بدقة”.
واستدرك الغانم “ولكن مع هذا يظل السؤال لماذا كانت هناك على الدوام حواجز وقلة اندماج وتفهم عن بعد وصور متخيلة غير دقيقة بين الجانبين عن الشرق الأسطوري الخرافي المترع بقصص الصحراء والسحر والعجائب وعن روسيا الجليدية الخالية من أي روح؟”.
وتساءل الغانم “كيف تسنى لأمتين عظيمتين متجاورتين أن تعيشا غربة الفهم للآخر وتنظرا لبعضهما للأسف بالعين الكولونيالية الغربية التي اختزلت العرب والمسلمين في القسوة والخشونة والإرهاب والتخلف واختزلت الروس في البرودة والانكفاء وغموض العزلة؟”.
وأضاف “وسؤالي التالي الملحق ماذا فعلنا نحن كعرب ومسلمين من جهة وكروس من جهة أخرى لننفض غبار هذه الغربة الإنسانية بيننا؟ وهي بالمناسبة غربة افتراضية وغير حقيقية”.
واستطرد الغانم “أقول غير حقيقية لأننا كأبناء للحضارة العربية الإسلامية وبرغم كل شيء ما زال في وعينا الجمعي القبسات القرآنية عند بوشكين وشهرزاد عند كورساكوف والحاج مراد عند تولستوي وآلاف الثيمات الإسلامية والعربية والإنسانية عموما في التراث الثقافي الروسي”.
وقال مستدركا “ولكن كما يقال قاتل الله السياسة.. السياسة التي أرادت لنا كعرب ومسلمين ان نكون وقودا لعداء دائم وتخاصم مستمر طيلة فترة الحرب الباردة التي كان للجميع أخطاؤه بها في مناطق الصراع المختلفة السياسة التي أرادت ان تقطع كل حبال الوصل الإنساني بغض النظر عن وجود مناطق اتفاق او اختلاف السياسة التي حقنت وعينا الجمعي وما زالت بكل الصور المشوهة عن الانسان وقرينة الآخر”.
وتطرق الغانم في كلمته الى ملف الارهاب قائلا “إن الملفات التي تجمع الكويت ودول المنطقة مع روسيا الاتحادية كثيرة ومتعددة وربما كانت أكثر الملفات إلحاحا في آخر عشرين عاما هو ملف (الإرهاب) وهو ملف متحرك ومتغير عابر للثقافات والقارات وغير محصور برقعة جغرافية بعينها”. وأضاف “هو الارهاب الذي طالنا وطال روسيا وطال قارات العالم كلها ولطالما تحدثنا مرارا وتكرارا عن ضرورة التعاطي الشامل مع ظاهرة الإرهاب وعدم اللجوء فقط الى الإجراءات الأمنية المحضة وضرورة التعامل مع جذورها ومسبباتها بشكل عميق”.
وقال “إن اليأس والفقر وغياب الأمل وضياع الهوية والتباينات الطبقية وغياب الحكم الرشيد والقمع والظلم وشيوع خطاب الكراهية والتعنصر كلها محركات ومحفزات لظاهرة الإرهاب”.
وأوضح الغانم “عند التعاطي مع الإرهاب علينا أن نتعاطى مع تلك العوامل بشكل جماعي وبطريقة جدية”.
وقال “إن أولى علاجات ظاهرة الإرهاب هو الإحساس بالعدل واشعار الانسان بأنه محمي وبأنه مهم وبأنه الوسيلة والغاية معا إشعار الانسان بأنه مندمج لا معزول وبأنه متشابه مع الآخر لا مختلف عنه وبأنه كامل الحقوق لا يعاني عقد النقص والتهميش والاضطهاد”.
وأضاف “أن تلك المشاعر مفقودة عند البشر في الكثير من المناطق ولعل أكثر منطقة تتجلى فيها تلك المشاعر السلبية هي منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في الأراضي الفلسطينية المحتلة المكان الذي تسلب فيه من الأطفال طفولتهم ومن الشباب طموحاتهم وتطلعاتهم ومن النساء حقهن الطبيعي في الحياة المكان الذي يتم فيه يوميا استهداف البشر والشجر والحجر”.
وقال الغانم “هناك تتجلى سياسة الكيل بمكيالين هناك تتم ليلا ونهارا ممارسات التهميش والالغاء وعدم الاكتراث هناك يتعامى المجتمع الدولي ويغض الطرف وكأن لا شيء يحدث هناك”. وقال الغانم “وما دمت أتحدث عن مأساة الفلسطيني المستمرة منذ أكثر من 70 عاما أجد لزاما علي أن أؤكد أننا نتطلع دوما الى مواقف متقدمة وداعمة من روسيا الاتحادية تجاه القضية الفلسطينية وغيرها من قضايا عربية سواء في مجلس الأمن الدولي الذي تشغل فيه روسيا مقعدا دائما أو أي محفل أممي آخر”.
وقال “نحن نتوقع دائما موقفا روسيا مبدئيا وصلبا إزاء قضايانا العربية المختلفة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ولعل آخر مثال على الموقف الروسي الواضح والمبدئي الذي نتطلع اليه دائما ونتوقعه هو موقف روسيا من الاعتراف الأحادي بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة”.
وأضاف “ان الموقف الروسي القاطع برفض هذا القرار الأحادي هو محل تقديرنا وامتناننا لأننا ننظر لروسيا كثقل سياسي عالمي وعليها مسؤولية كبرى في الحفاظ على السلم والامن الدوليين”.
وكان الغانم قد استهل خطابه امام المجلس الفيدرالي الروسي بتحية روسيا والشعب الروسي قائلا “أن تكون في روسيا يعني أن تكون في حضرة الثراء ثراء الشرق والغرب معا ثراء التنوع البشري من الباسيفيكي الى البلطيق ومن أقصى نقطة في شمال الكوكب الى البحر الأسود ثراء المخزون الثقافي الهائل والضخم لروسيا ثراء الشعر وبوشكين ثراء الرواية وديستيوفسكي ثراء القصة وتشيخوف ثراء الموسيقى وتشايكوفسكي ثراء العلم والتحدي وغاغارين”.
وقال “ولأنك في حضرة هذا الغنى الثقافي فأنت لا تملك الا أن توجه تحية إعجاب وتقدير وثناء إلى هذه الأمة الثرية روسيا الاتحادية”.