آراؤهم

بيمارستان هارون الرشيد والأخطاء الطبية في المستشفيات الكويتية

يُعرف المستشفى قديماً في التاريخ الاسلامي بكلمة ” بيمارستان ” وهو مفردة فارسية تعني بيت العلاج و في عهد الوليد بن عبدالملك تم إنشاء أول بيمارستان تخصصي طبي ، كان يعالج الامراض السائدة في ذلك الوقت ، وكان ادارة الوليد بن عبدالملك تُعطي الاطباء اعلى الرواتب و تراقب افعالهم في مهنتهم لتوفير بيئة طبية سليمة .
وفي عهد الرشيد هارون كان وزراء الصحة آنذاك هم أسرة آل بختيشوع و يوحنا بن ماسويه و كانوا من أعظم الأطباء في العالم ، تولوا المنصب الوزاري الطبي و رسموا سياسات تعيين الاطباء بناءاً على الكفاءة والخبرة واختيار مواقع البيمارستان و وضع سجلات للمرضى وكان هارون الرشيد وخلفاء بني العباس يزيدون في العطاء لهم حتى يتفرغوا ذهنياً لعلاج المرضى بأفضل السبل والطرق الطبية .
وهناك عدة بيمارستانات وُجدت في التاريخ منها : الطولوني ، العضدي ، مراكش الموحدي ، والايوبي والنوري و غيره .
و ينص شيخ الاسلام ابن تيمية الحراني في الحسبة ” وهو كتابه عن الرقابة الادارية ” أن على المحتسب أن لا يترك أمراً فيه نفع للناس أو ضرر إلاّ احتسب في شأنه ، فكانت وظيفة المحتسب الرقابية تراقب البيمارستان و تشرف على رقابة عمل الاطباء و اوضاع المرضى و مدى توفر الادوية و رفع التقرير للسلطان الاعظم لاتخاذ ما يلزم حتى تكون هناك محاسبة للتقصير الطبي ومدى تعرض المرضى للاهمال ، و أن يُعاقب المتسبب لذلك القصور ويُحال الى القاضي .
ولا شك أن ما حصل مؤخراً من اخطاء طبية في المستشفيات الكويتية والتي أدت الى وفاة بعض المرضى ترجع الى القصور في عملية الرقابة الادارية على عملية التطبيب و اختيار الاطباء و معرفة مستواهم العلمي والخبرات التي يملكونها في ظل ما تعانيه الدولة من تفشي ظاهرة الشهادات المزورة وغير المعتمدة خصوصاً في المجالات الطبية حيث ان الاخطاء فيها متعلقة بارواح البشر والتي هي اغلى ما يملكون .
فالواجب على القائمين على سياسة هذه الدولة أن يتقوا الله ويجتهدوا في مراقبة الوضع الطبي والصحي وان لا يتركوا الامر هملاً ومهملاً و تكون ارواح المرضى في خطر وتحت رحمة سهوات الاطباء و سوء اختيارهم .

أسأل الله أن يشفي مرضى المسلمين ويرحم موتاهم .

جاسم الجزاع

باحث دكتوراة في ادارة الاعمال
@jassimaljezza84