ترجع نشأة المكتبات في الكويت إلى بداية الاهتمام بالعلم وانتشار المدارس إذ كان رجال الكويت من المصلحين والمثقفين والشيوخ يفكرون دائما في كيفية نشر العلم والمعرفة بين الناس لاسيما من خلال المكتبات.
ومرت نشأة المكتبات في الكويت بمراحل كثيرة ومتنوعة قد تكون بدايتها الفعلية عام 1682 عندما قام مسيعيد بن أحمد بن مساعد العازمي بنسخ أول مخطوطة وهي “موطأ الإمام مالك”.
في السياق قالت أول أمينة مكتبة عامة للمرأة في الكويت الباحثة في التراث الكويتي عزيزة البسام لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن تلك المخطوطة وغيرها من المخطوطات القديمة كانت تشكل نواة كل مكتبة في الكويت.
وأضافت البسام أن أصحاب المكتبات والمفكرين والأدباء كانوا دائما يعبرون عن فخرهم باقتناء بعض المخطوطات والكتب القديمة ومنهم من أصدر كتيبات تتضمن عناوين المقتنيات النادرة.
وذكرت أن من أوائل المكتبات في الكويت مكتبة المدرسة المباركية التي أسست في 22 ديسمبر عام 1911 لتشكل بداية عهد جديد في مسيرة التعليم النظامي في الكويت والتي لم تقتصر على التعليم فقط بل مهدت لنهضة ثقافية وفنية انطلقت من مسرح المدرسة الذي اعتمد كليا على المؤلفات والكتب.
وأضافت أن مكتبة المدرسة المباركية لم تبدأ مع نشأة المدرسة مباشرة لكنها أنشئت عندما اهتمت إدارة المعارف بالكويت بتنظيم المكتبات فانبثقت ينابيع الثقافة من المدرسة المباركية وازدهرت مكتبتها.
وأشارت البسام إلى مكتبة (الجمعية الخيرية) التي أسست عام 1913 على يد فرحان فهد الخالد الخضير مؤسس الجمعية وأحد الرجال المصلحين في الكويت الذي استطاع أن يقنع الناس بالتبرع للمكتبة بكتب أو مخطوطات يملكونها كما كان يكلف البعض شراء الكتب عند السفر الى مصر والعراق وسوريا ولبنان.
وبينت أن مكتبة (المدرسة الأحمدية) التي أسست عام 1921 كانت إحدى المكتبات الزاخرة بالكتب في الكويت خصوصا بعد نقل كتب مكتبة الجمعية الخيرية اليها فأصبحت تضم مجموعات من الكتب القيمة والنادرة التي طبع معظمها في الهند ومطبعة (بولاق) في مصر.
وأضافت البسام أن أفكار المثقفين والمفكرين والشعراء والأدباء ورجال العمل الخيري في الكويت تبلورت بإنشاء (المكتبة الاهلية) العامة عام 1922 إذ التقوا في منزل الشيخ حافظ وهبه لمناقشة فكرة المكتبة بعدها استأجروا بيت علي عامر ليصبح المقر الرسمي للمكتبة التي افتتحت عام 1924 وعين عبدالله صالح العمران أول أمين مكتبة لها.
وقالت إن من أبرز المكتبات في الكويت قديما مكتبة (النادي الأدبي) التي اسسها رواد النادي عام 1924 لنشر الثقافة والفكر بين الناس إذ اهتم النادي بتكوين مكتبته من خلال تبرعات المحسنين والمتحمسين بكميات من الكتب كما اشترك النادي بمجموعة من الصحف التي تصل اليه من الدول العربية المجاورة كالعراق والبحرين ومصر.
وأكدت أن إنشاء مجلس المعارف كان له الفضل الكبير في تأسيس مكتبة (دائرة المعارف) عام 1936 إذ تمت إقامة بناء للمكتبة في شارع الأمير وحملت المكتبة اسما جديدا هو مكتبة (المعارف العامة) وعين محمد محمد صالح التركيت أول أمين للمكتبة التي أدت دورا كبيرا في إثراء الثقافة في البلاد لاسيما في مرحلة الأربعينيات.
وفي كتابها (نشأة المكتبات في الكويت) ذكرت الباحثة البسام أن من أبرز رواد نشأة وتنظيم المكتبات بالكويت قديما كان الشيخ ناصر المبارك الصباح وهو أول من امتلك مكتبة ضخمة خاصة في الكويت احتوت على نحو ثلاثة آلاف كتاب وانتقلت ملكيتها إلى الدولة بعد ذلك.
وذكرت أيضا أن محمد أحمد الرويح يعد أول من استورد الكتب من الهند الى الكويت وقام ببيعها الى الناس ثم استثمر حصيلة أموال البيع في افتتاح مكتبته الخاصة في سوق المباركية المسقف عام 1920 وأطلق عليها (المكتبة الوطنية) وبعد توسع عمله في بيع الكتب افتتح مكتبة اخرى عام 1923 في شارع الأمير بالمباركية.
وبينت أن هناك مراحل كثيرة مر بها تاريخ المكتبات في البلاد حتى تحقق للكويت مكتبة وطنية مركزية قائمة على احدث أساليب التكنولوجيا العلمية والتي أسست بموجب المرسوم بقانون رقم 52 لسنة 1994 لتخدم مجالات نشر الثقافة والفنون والاداب في الكويت.