كتاب سبر

“لو خوّنْـتُك.. ما استعملتك”

في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ازدادت الأعباء الادارية مما دعاه الى توسيع النطاق الاداري وتوزيع المهام فاستعان بجملة من أصحابه ، ومنهم الصحابي الجليل أبو موسى الاشعري ، وقد كان زاهداً ورعاً تقياً عابداً ، فلما التقى بعمر قاله له عمر : ” يا أبا موسى ، إني وليتك على البحرين ” فقال أبو موسى : ” حيث شئت يا أمير المؤمنين ” . فقال عمر لرجل بجانبه : ” انظروا ما يملك أبو موسى من مال ومتاع و إحصوه ” فتعجبَّ أبو موسى وقال : ” يا أمير المؤمنين ، أتستعملني و تُخوّنني ؟!! ” فرد عليه عمر قائلاً : ” لو خوّنتك ما استعملتك ، ولكن لا أُعين الشيطان عليك ، فالآن أُحصي ما لديك من مال و أنظر لعملك ، هل تجمع تجارة مع إمارة ؟ إنّا بعثناكم عُمّالاً لا تُجّاراً ” .

لا يستقيم أمر الدولة إن كانت التعيينات مبنية على مبدأ ” هذا ولدنا ” و هذا فوق المحاسبة وفوق السلطة وفوق الرقابة وفوق كل شيء ، إنما يستقيم أمر الدولة إن كانت وظيفة الرقابة فعالة و تراقب أفعال الموظفين والوزراء والحكام ، و تمنعهم من أن يستخدموا سلطتهم في تحقيق منافعهم الخاصة ، وتحاسبهم إن أخذوا شيئاً من مال المواطنين بلا حق ، بتلك فقط تكون للدولة حياة دائمة تحت راية العدل والمحاسبة .

جاسم الجزّاع
باحث دكتوراة ادارة أعمال

تعليق واحد

أضغط هنا لإضافة تعليق