محليات

الحركة التقدمية الكويتية تطالب بحكومة تكون محل الثقة الشعبية في ملاحقة قضايا الفساد

طالبت الحركة التقدمية الكويتية بتشكيل حكومة تكون محل الثقة الشعبية في ملاحقة قضايا الفساد وعدم لفلفتها.
وقالت الحركة في بيان صحفي اليوم أن تشكيل الحكومة المقبلة هو المؤشر الأول على ما إذا كانت الكويت يمكن أن تتحول إلى دولة يحكمها القانون من خلال حكومة تحظى بالثقة الشعبية من جهة وجديتها بملاحقة قضايا الفساد والفاسدين من جهة اخرى.
وأكدت أن ما جرى نشره من وثائق وما يتم تداولة من وقائع وأسماء في فضائح الفساد الأخيرة تكشف بالملموس مدى تحكّم مافيات الفساد ومقدار سطوتها وتغلغلها في معظم المؤسسات ومفاصل القرار، وذلك بالاستفادة المباشرة من النهج السلطوي في التضييق على الحريات، وملاحقة العناصر الإصلاحية والمعارضة من الشباب والناشطين والنواب السابقين ومحاكمتهم وسجنهم ودفعهم إلى مغادرة البلاد.

وهذا نص البيان:

لعلنا مثل كثير من المواطنين لم نتفاجئ بفضائح الفساد الأخيرة إلا من حيث تفاصيلها وأسماء المتورطين بها وحجم المبالغ المنهوبة، لأننا بالأساس كنا نلمس بوضوح ونشاهد جهاراً نهاراً مدى تفشي الفساد وانتشاره وتغوّل الفاسدين وما يحظون به من حماية ورعاية ونفوذ، حيث كنا مع كثيرين من أبناء شعبنا نحذر من أنّ الفساد في الكويت قد تحوّل في السنوات الأخيرة إلى نهب منظم لمقدرات البلاد وخيراتها ومواردها المالية.

إنّ ما جرى نشره من وثائق وما يتم تداولة من وقائع وأسماء في فضائح الفساد الأخيرة تكشف بالملموس لكل ناكر أو متغافل مدى تحكّم مافيات الفساد ومقدار سطوتها وتغلغلها في معظم المؤسسات ومفاصل القرار، وذلك بالاستفادة المباشرة من النهج السلطوي في التضييق على الحريات، وملاحقة العناصر الإصلاحية والمعارضة من الشباب والناشطين والنواب السابقين ومحاكمتهم وسجنهم ودفعهم إلى مغادرة البلاد للإقامة في المنفى وبلدان اللجوء، وكذلك بالاستفادة من التخريب المتواصل والمتعمد للعملية الانتخابية، والنجاح في فرض حالة من الارتهان شبه الكامل للمؤسسة البرلمانية في الخضوع لمراكز النفوذ، وتمييع رقابة المؤسسات النيابية والمحاسبية والمعنية بمكافحة الفساد وتحويلها إلى واجهات فارغة، والسيطرة على المؤسسات الإعلامية ومحاولات التحكّم في اهتمامات الرأي العام الشعبي وحرف أنظاره نحو قضايا هامشية، وإشغال المجتمع في انقسامات طائفية وقبلية وفئوية ومناطقية، بحيث تخلو الساحة تماماً أمام المافيات لتمكينها من نهب خيرات الكويت والتلاعب بمقدراتها والسطو على المال العام من دون حسيب أو رقيب.

أما الذين كانوا يتولون المسؤوليات التنفيذية في الدولة فإن معظمهم لم يكن مجرد عناصر ضعيفة، وإنما كانت غالبيتهم عناصر فاسدة منشغلة في عمليات النهب والاختلاسات وليس لديها أدنى اهتمام في القيام بمسؤوليات إدارة الدولة، وذلك في الوقت الذي كانت فيه الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الكويتي تئن من ارتفاع تكاليف المعيشة والإيجارات وتشكو من سوء البنية التحتية وتردي الخدمات، وتعاني من تنامي أعداد العاطلين عن العمل وارتفاع عدد الأسر على قوائم الانتظار للرعاية السكنية، بالإضافة إلى ما يعانيه معظم المقترضين من البنوك والشركات من ضائقة معيشية وإعسار يجري إنكاره، وكان العذر الحكومي الجاهز لتبرير عدم حل المشكلات المعيشية للناس يتمثل في التذرع بعجز في الميزانية، الذي اتضح أنه عجز ناجم بالأساس عن النهب والتنفيع واستئثار القلة بموارد الكويت وخيراتها على حساب المواطنين البسطاء من ذوي الدخول المتدنية والمتوسطة، الذين ساءت أحوالهم.

إنّ الحركة التقدمية الكويتية بعيداً عن إشاعة أية أوهام، فإنها في الوقت الذي تقدّر فيه كشف بعض وقائع الفساد المتفشي، إلا أنها على ضوء التجارب التاريخية لوقائع الفساد السابقة تخشى من لفلفة هذه الجرائم وحماية المتورطين فيها والتغطية عليهم، وهو الأمر الذي سيبدأ تنفيذه على الأرض في حال إعادة تشكيل الحكومة المقبلة لتكون على شاكلة الحكومة المستقيلة والحكومات المتعاقبة التي سبقتها.

إنّ تشكيل الحكومة المقبلة هو المؤشر الأول على ما إذا كانت الكويت يمكن أن تتحول فعلاً لا قولاً إلى دولة يحكمها القانون وذلك في حال تشكيل حكومة تحظى بالثقة الشعبية بأنها جادة في ملاحقة قضايا الفساد والفاسدين، أم أنها قد أصبحت في واقع الحال دولة تتحكّم فيها المافيات الفاسدة وذلك في حال تشكيل حكومة تكون نسخة مكررة أو محسّنة شكلياً من الحكومة السابقة والحكومات المتعاقبة التي كانت مرتعاً خصباً لقوى الفساد، بحيث تتولى الحكومة الجديدة حتى وإن تغيّر رئيسها محاولات التغطية على ملفات الفساد والتستر على الفاسدين وتوفير الحماية لهم لمواصلة النهب والتنفيع وسرقة الأموال العامة؟

ونحن في الحركة التقدمية الكويتية على ضوء التجارب المؤسفة السابقة وما آلت إليه أوضاع البلاد في السنوات الأخيرة من تراجع على مختلف المستويات نعبّر عن خشيتنا وقلقنا من أن تتداعى الاوضاع في البلاد نحو طور جديد ومتصاعد من الأزمة السياسية في حال استمرار النهج المتبع على ما هو عليه، ولعلنا لا نبالغ عندما نحذر من أن الكويت اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى لأن تتحوّل على نحو مكشوف وصارخ إلى دولة فاشلة منهوبة تتحكّم فيها مافيات الفساد… لذلك فقد حان الوقت لإنقاذها من هذا التهديد الجدي قبل فوات الأوان.
ومن هنا فإننا ندعو المواطنين والقوى الحيّة في المجتمع الكويتي إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية وتوحيد جهودهم حول التوجهات والمطالب التالية:

1- كشف قضايا الفساد وعدم لفلفتها وملاحقة الفاسدين وعدم التغطية عليهم ومحاكمتهم علنياُ ومحاسبتهم جزائياً، أياً كانت اسماؤهم ومواقعهم، ومصادرة الأموال المنهوبة وإعادتها إلى خزينة الدولة، وتطهير مختلف أجهزة الدولة من العناصر الفاسدة.
2- الإسراع في تشكيل حكومة تكون محل ثقة الشعب واطمئنانه لنظافة أيدي رئيسها وأعضائها وجديتهم في محاربتهم لقوى الفساد.
3- تصحيح المسار البرلماني واستعادة الدور الرقابي الجدي لمجلس الأمة عبر الإسراع في إقرار قانون انتخابات ديمقراطي بديل يعالج الاختلالات الخطيرة التي نشأت عن مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء، ليعقبه إجراء انتخابات نيابية مبكرة نزيهة خالية من التدخلات الحكومية والمال السياسي.
4- إطلاق الحريات الديمقراطية وإلغاء القوانين المقيدة لها، وتحقيق إنفراج سياسي عبر العفو عن المحكومين والمحبوسين والملاحقين في قضايا الرأي والتجمعات.
5- معالجة المشكلات المعيشية التي تعاني منها الغالبية الساحقة من المواطنين وتحسين ظروف المعيشة ومعالجة مشكلات المقترضين، وقضية الكويتين البدون.

إن تلبية هذه المطالب الملحّة هي المدخل الجدي لإنقاذ البلاد ومكافحة الفساد وإصلاح الأوضاع، وهي حجر الأساس للوصول لنظام برلماني مكتمل الأركان تكون فيه السلطة للأمة مصدر السلطات جميعاً ويكون الركيزة لدولة ديمقراطية حديثة يحكمها القانون وتسودها العدالة.

الكويت في 16 نوفمبر 2019

 

الوسوم