محليات

قراءة حول حكم “التمييز” عن الغاء تعيين ما يزيد عن 500 خبير

صدر حكم مؤخرا من دائرة التمييز برئاسة المستشار د. جمال العنيزي وعضوية كل من المستشارين رضا محم ومحمد علي وعبدالنبي وعبدالجواد وقد صدر الحكم بتاريخ ١٩-١١-٢٠١٩ في الطعن المقيد برقم 911 لسنة 2019 إداري/2، ولكن لم يتم التحصل على الحكم في الإعلام إلا مؤخرا للاطلاع عليه. لا شك أن الحكم آثار ردود أفعال عديدة ومتفاوتة حول الحكم لتعلقه في المقام الأول بمصير أكثر من ٥٠٠ شخص الغى الحكم تعيينهم على الرغم من مرور ما يزيد على الثلاث سنوات من تاريخ صدور تلك القرارات المختلفة. وقد وردتني العديد من الاتصالات والتساؤلات حول الحكم وفحواه وآثاره وما تعليقي على هذا الحكم وتساؤلات عدة مما اضطرني للتعليق عليه بورقة ومقالة تتناول تلك المسألة من ناحية قانونية مع حرصي على أن يفهم تلك المقالة حتى من لا يمت للقانون بصلة< وكان التساؤل الكبير هل تجاوزت المحكمة حدود صلاحياتها؟ كيف يتم الاضرار بالطاعن بمخالفة قاعدة لا يضار الطاعن بطعنه؟ كيف يتجاوز القاضي طلبات اطراف النزاع؟ كيف يوجه القاضي الإدارة بشكل مباشر ويتطرق لتفاصيل مرتبطة بتنفيذ الحكم وهي مسألة تتعلق بتنفيذ الجهات للحكم ويفترض الا تتناول الحكمة تلك المسائل بالحكم. ماذا استفادت الطاعنة من هذا الحكم ووصلتني العديد من التساؤلات الأمر الذي وجدت نفسي معه ملزما بتناول الموضوع بشيء من التحليل مع إبقاء الموضوع ليشغل مساحة بحثية مستحقة في المستقبل. الطاعنة:

الطاعنة هي مواطنة متخصصة بالمحاسبة تقدمت بطلب التعيين في وظيفة خبير حسابي بحسب الإعلان الصادر من الجهة لشغل الوظيفة وكان صدر في حقها قرار بالتعيين رقم ٢٠١٢/٢٠١٦ وكان الوزير آنذاك هو الوزير يعقوب الصانع ولكن قام الوزير الجديد آنذاك فالح العزب بإصدار قرار رقم 2597 لسنة 2016 بسحب القرار السابق فلحق الطاعنة ضرر جراء هذا التخبط بالتعيينات سواء من قبل الوزير الأول او التالي وطالبت بإلغاء القرار 2597 سالف الذكر. كما طالبت الطاعنة بإلغاء القرارات الصادرة من وزير العدل ارقام من ٥٣ لغاية ٢٨٣ لسنة ٢٠١٧ فيما تضمنه من تخطيها بوظيفة خبير حسابي وإلغاء القرارات ارقام ٥٩٥-٦٨٧-٧٨٥-٨٢٤-٨٢٢ لسنة ٢٠١٧ فيما تضمنه من تخطيها في الوظيفة.
فتكون طلبات الطاعنة هي ثلاث طلبات:
الأول: الغاء القرار 2597 لسنة 2016 الصادر بسحب القرار 2012 /2016.
الثاني: الغاء القرارات من 53 لغاية 283 لسنة 2017 فيما تضمنه من تخطيها بالتعيين في الوظيفة.
الثالث: الغاء القرارات ارقام ٥٩٥-٦٨٧-٧٨٥-٨٢٤-٨٢٢ لسنة ٢٠١٧ فيما تضمنه من تخطيها في الوظيفة
حصلت الطاعنة على حكم في اول درجة برفض الطلبين الأول والثاني وبإلغاء القرارات ارقام ٥٩٥-٦٨٧-٧٨٥-٨٢٤-٨٢٢ لسنة ٢٠١٧ فيما تضمنه من تخطي ورفضت باقي طلباتها وايدت محكمة الاستئناف هذا الحكم.
فتكون محكمتي الاستئناف ومحكمة أول درجة قد استجابت فقط للطلب الثالث من قبل الطاعنة.

التعليق على حكم التمييز:

إن القارئ لحكم التمييز يلحظ عليه عدة ملاحظات تستحق التوقف عندها:

– أن المحكمة وفقت في سبر اغوار عمل اللجان المختلفة والأخطاء التي صاحبت جميع الأعمال سواء في عهد الوزير الأول أو التالي وكيف وصل الإهمال والخطأ في الرصد او التقييم وصولا لتغيير النتائج حدها كافيا ليرسم خارطة طريق للمحاكم الأدنى بضرورة ردع أي اعمال قادمة وقرارات تعيين ستأتي بالمستقبل بحيث لا تتنكب الإدارة للمشروعية وترغب أن يتولى القضاء حماية تلك الأعمال غير المشروعة. ومن الملاحظ أن هناك بعض الدوائر في قضايا مشابهة لا تستجيب لطلبات منطقية بهذا الخصوص من كشف اعمال اللجان ونتائج الاختبارات فبعض الجهات ازكمت أعمالها الانوف من أعمال تسقط في هاوية الانعدام فيكون هنا دور القضاء لردع الإدارة وبداية مناسبة لعملية الإصلاح الإداري التي عجز عنها البرلمان والجهاز التنفيذي معاً.
فخطت المحكمة عبارة نتفق معها بحق بقولها “… وإذ كانت العدالة البطيئة أقرب إلى الظلم، فإن الظلم عينه أن تحيد عن الحق بعد أن تفصدت الحقيقة وأن يطوي القضاء بجناحيه على كل قرار غير مشروع حفاظاً على كل ما استقر بطلاناً وظلما…” ونتمنى فعلا الا يطوي القضاء بجناحيه على كل قرار غير مشروع خاصة ما يتعلق بحقوق الناس ومصيرهم ومستقبلهم، فكلما كان تعدي السلطة على تلك الحقوق ماسا بالحقوق الأساسية للناس كلما كان يجب أن تزيد السلطة القضائية من حدة رقابتها وأن ترفع جناحها عن تلك الأعمال غير المشروعة.

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:

أشارت المحكمة إلى فكرة سيادة القانون وضرورة خضوع الإدارة لمبدأ المشروعية ولعلني مع كثرة ما قرأت من أحكام محاكم التمييز الإدارية الكويتية لا تسعفني الذاكرة، تقصيرا مني، من وجود حكم سابق يشير للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتلك الاتفاقيات وهذا ما كنا ننادي به تم التصديق عليها من دولة الكويت وبالتالي أصبحت جزءً من القانون الداخلي الكويتي وواجبة التطبيق والاحترام، لذا أشيد بما جاء بهذا الحكم من إشارات واضحة لتلك الاتفاقيات الدولية في أكثر من موضع في الحكم، مع ملاحظة ان المحكمة قد أشارت اليها قبل نصوص الدستور مما يوحي للقارئ بأنها أعلى مكانة من الدستور وهي ليست كذلك بل تقع في مرتبة القانون العادي، ولعل المحكمة قد وضعتها في المقدمة ليس إعلاءً لها على النصوص الدستورية بقدر ما كانت تبياناً لحداثة هذا التوجه المحمود في الاسترشاد بنصوصها قضاءً.

مفهوم جديد للمساواة

قاد مبدأ المساواة الخط العام للحكم وكأن المحكمة تحاول تتبع هذا المبدأ في نسف كل أعمال اللجان التي تولت الاشراف على المسابقة بين المتقدمين وقرارات كل من الوزيرين. وقد لاحظت دون تتبع لأحكام سابقة من القضاء الإداري الكويتي أن المحكمة أعطت المساواة في الوظائف العامة مفهوما جديدا وهو ذات شقين ما يهمنا ما تطرقت اليه المحكمة من ضرورة توفر (الجدارة في تولي الوظائف العامة) فيكون التعيين في الوظائف العامة على أساس الصلاحية وليس على أساس المحسوبية السياسية والاجتماعية. ويعد مبدأ الجدارة في تولي الوظائف العامة مبدأً جديدا أتى من النظم الأوروبية تأسيسا على منظومة الحوكمة وخيرا فعلت المحكمة في إعطاء مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة مفاهيم دقيقة قابلة للمراقبة وتحديد مدى احترامها دون تركها دون قيود قضائية تستفيد منها السلطة التنفيذية لتمرير القرارات المشروعة وغير المشروعية.

قانون الخبرة ونظام المسابقة

إن قانون الخبرة تبنى طريقة المسابقة لشغل وظائف إدارة الخبراء كوسيلة لتحقيق المساواة بين المتقدمين باعتبارها تتلاءم مع العدالة ومتطلبات العصر الحديث. وينتج عن هذا وجوب أن تكون الإدارة التي تتولى الاشراف وعمل تلك الاختبارات واللقاءات على قدر من المهنية في اختيرا افضل العناصر لتولي هذه الوظيفة الحساسة باعتبارها أحد معاوني القضاء في ممارسة الوظيفة القضائية.

بين وزيرين

أصدر الوزير الأول يعقوب الصانع قرار رقم 2012/2016 بتعيين عدد من الخبراء ومعاوني الخبراء ونتيجة لتظلم العديد واثارة الشبهات حلو بعض من شملهم ذلك القرار، وكان قد صدر مرسوم أميري جديد بتعيين وزير عدل جديد وهو فالح العزب الذي شكل لجنة للاطلاع على جميع الأوراق والتظلمات ورصد المخالفات والتجاوزات التي لحقت القرار السابق لإصلاح الوضع. وتوصلت اللجنة لوجود العديد من الأخطاء التي صاحبت اعمال الوزير الأول مما أدى بالوزير الجديد لسحب القرار 2012/2016. إلا أن الوزير الجديد والمفترض فيه أن يصحح الأوضاع السابقة بحسب ما جاء بقراره قام هو بأخطاء أكثر فداحة بحث تولى تعيين العديد من الخبراء الذين لم يجتازوا الاختبار التحريري أو المقابلة الشخصية أو كليهما وحصلوا على درجات متدنية. كما عين ونقل العديد من الأشخاص مباشرة دون مسابقة ودون أي اختبار تحريري أو دون مقابلة شخصية.
مما لا شك فيه أن المشروعية كانت بعيدة عن اعمال وزيرين مختلفين تولا مسئولية وزارة العدل والغريب أن تغيب العدالة عن اعمال تلك الوزارة بعهدين مختلفين. فالمخالفات التي تمت في عهدي الوزيرين كانت صارخة للقانون ومخلة بالمساواة وينطوي على تعديل وتلاعب في النتائج فضلا عن تعيين من لم يتم اختباره أصلا او مقابلته، بل صاحب الأمر نكول الإدارة في تقديم أي أوراق أو مستندات تثبت عكس ذلك ودحضه.

عيب عدم المشروعية الجسيم

رأت المحكمة أن ما صاحب اعمال اللجان المختلفة وقرارات الوزراء المختلفة قد وصل مرحلة من عدم المشروعية الجسيم مما يصل بها لمرحلة الانعدام فما يبنى على منعدم فهو منعدم بالتعبية كما قالت المحكمة.

الإلغاء المجرد:

تأسيسا على ذلك قررت المحكمة الإلغاء المجرد وهو ما يترتب عليه الغاء جميع إجراءات المسابقة وسحب القرارات الصادرة بناء عليها وإعادة الإعلان عن الوظائف، وأشارت المحكمة إلى ” أنه بات متعينا على جهة الإدارة الطاعنة بعد القضاء بإلغاء القرارات المشار اليها الغاء مجردا إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدورها وتعين على الإدارة اصدار إعلان جديد عن شغل وظائف الخبرة المشار اليها وإجراء مسابقة واستبعاد من شغل وظائف إدارة الخبراء في تلك الفترتين المشار اليهما وسحب القرارات الصادرة في هذا الشأن”.

وفي ذلك نقول في مؤلفنا “إن الإلغاء المجرد هو إلغاء القرار لعيب في ذاته، وإعادة الوضع إلى ما كانت عليه قبل صدوره، وكل ما ترتب عليه من آثار ومن مراكز قانونية سواء بالنسبة لرافع دعوى الإلغاء أو غيره، وبصرف النظر عن الحق الذي يدعيه رافع دعوى الإلغاء. فلا يحكم بحق المدعي، ويعود الأمر إلى الإدارة لتصحيح الخطأ القانوني واتخاذ ما تراه لازمًا لذلك، وإذا اقتضى الأمر إصدار قرار إداري جديد وفقًا للأوضاع القانونية الصحيحة في إصداره. سواء ترتب على ذلك حصول المدعي على الحق أو المركز الذي كان يطالب به في دعوى الإلغاء أم عدم حصوله عليه، بعد قيام الإدارة بتصحيح الخطأ القانوني الذي تم إلغاء قرارها الأول بناءً عليه. وإذا لم يحصل رافع الدعوى الأولى على ما كان يطالب به ويأمل فيه في الدعوى الأولى فعليه رفع دعوى جديدة ضد القرار الجديد وفق القواعد القانونية المطبقة في رفع هذه الدعوى الجديدة” أ.د جورجي ساري، د. فواز الجدعي، قواعد وأحكام القانون والقضاء الإداري، الطبعة الأولى.

هل تضررت الطاعنة (قاعدة لا يضار الطاعن بطعنه)

من الواضح ان المحكمة قد وجدت أن الأعمال التي صاحبت جميع اعمال اللجان والقرارات في عهد الوزيرين قد شابها الانعدام بما في ذلك قرار تعيين الطاعنة وبالتالي تحولت المحكمة من الإلغاء النسبي، الذي يحافظ على صحة القرارات الصادرة ولكن تستفيد منه الطاعنة بتعيينها كأثر للإلغاء النسبي، إلى الإلغاء المجرد الذي ينسف معه قرار الطاعنة بالتعيين الأول أو حكم المحكمة بإلغاء التخطي. فالمحكمة تقول أن جميع تلك الاعمال لا تستحق الإجازة لنضيف عليها قرارا جديدا لأن القول بخلاف ذلك تكون المحكمة قد اجازت تلك الاعمال المنعدمة التي اثبتتها المحكمة في قضائها.
فظهر تساؤل هل يمكلك القاضي أن يعدل طلبات المعروضة أمامه بشكل يضر بأطراف الدعوى. أولا القاضي الإداري يتميز بأنه قاضي مشروعية ومخالفة هذا المبدأ متنوعة قد تصل في اعلى مراحلها للنعدام وباعتبار أن الدعوى الإدارية دعوى عينية من يختصم فيها القرارات بحيث لا يتملك المحكمة الإبقاء على القارارت المنعدمة ولو ترتب ذلك اضرارا باطراف الدعوى.
كما أن مبدأ لا يضار الطاعن بطعنه لا تنطبق على هذه القضية على اعتبار أن من طالب بتمييز الحكم المستأنف ليس الطاعنة إنما جهة الإدارة، وغاية الإدارة المفترضة هي الحفاظ على مشروعية قراراتها وبالتالي لا مضرور في اعمال سلطة المحكمة.

كما أن المحكمة تملك أن تتحول من الإلغاء النسبي إلى الإلغاء المجرد باعتبار انعدام جميع الاعمال والقرارات المصاحبة وفي ذلك توجيه لإعادة الإدارة للحالة التي كانت عليها قبل اصدار القرارات. كما حمت المحكمة مصلحة ذوي الشأن بأن الزم الإدارة بان تجري اعلان جديد على اعتبار ان نيتها السابقة قد انعقدت في اعلان الحاجة لشغل هذه الوظائف وبالتالي يكون لكل مستوفي للشروط أن يتقدم وفقا للإعلان الجديد فلا تستطيع الإدارة ان تدعي انها لم تعد بحاجة لشغل هذه الوظائف المسبق إعلانها.

من المستفيد من الحكم؟

لا شك أن الطاعنة لا تستفيد من الحكم ولا من شغلوا تلك الوظائف بقرارات منعدمة ولا الادارة باعتبار انها لا شك تواجه حالة فريدة وصعوبة في تسوية اثار الحكم والتخلي المفاجئ عما يزيد عن 500 خبير ولكن من المفترض أن هذا الحكم على ما فيه من مرارة شخصية لمن مسته اثار الحكم خصوصا لمن يستحق الوظيفة عن جدارة، إلا أن الحكم قد يصلح ليكون خارطة طريق لتأديب جهات الادارة في الحذر من التلاعب المفضوح بمستقبل المتطلعين للعمل الحكومي. وبالتالي نستطيع القول على مرارة الاثار إل أنه انتصار لمبدأ المشروعية ولو استصعب على البعض روية تلك الزاوية.

توجيه القاضي للأوامر لجهة الإدارة:

قد يثار من أنه يفترض على القاضي أن يحكم ولا يدير وأن حدرد الحكم تقف عن الغاء القرار وترك الادارة لترتب الاثار دون توجيهها أو اعطائها أومر بخصوص آلية تنفيذ الحكم. دون الدخول بتفاصيل هذا الموضوع نعم قامت المحكمة بتوجيه الادارة واصدار اوامر تنفيذبة لا شك خاصة في مسألة ضرورة الاعلان من جديد عن الحاجة لشغل الوظائف في ادارة الخبراء. لا شك أن مبدأ عدم توجيه القاضي للأوامر قد حصل له تطور كبير جدا خاصة في الدولة التي تبنت المبدأ وأصبح وفقا لقانون المرافعات الادارية والتعديل الذي صاحب المادة 911 من هذا القانون يجوز للقاضي الإداري ان يوجه أوامر قضائية للإدارة طالما ارتبط بدعوى الالغاء وكان الأمر منصوصا عليه في الصحيفة. ونحن نرى أن القاضي يملك أن يوجه الإدارة بأوامر باعتبار عدم وجود المانع القانوني إزاء هذا الأمر وكلما ظهرت الفداحة في اعمال الادارة كلما كان للقاضي سلطة التوجيه والأمر.
ومع ذلك نعتقد أن الحكم لم يصل إلى تلك المرحلة من توجيه الاوامر إنما توجيهات واضحة لتعلقها بالحكم الصادر وطريقة تنفيذه وهو ما يعد ارتباطا وثيق الصلة بالحكم الذي اصدرته المحكمة.

تنفيذ الحكم:

ثار تساؤل هل هناك مصلحة لأطراف الدعوى من تنفيذ الحكم؟ فلا الطاعنة لها مصلحة ولا الإدارة. فالطاعنة في حال تعيينها من قبل الادارة مع تسوية الاثار قد لا تلجأ لتنفيذ الحكم ولا الادارة من مصلحتها العملية تنفيذ الحكم وإن كان القانون الكويتي يجرم عدم تنفيذ الأحكام، وتنص المادة 58مكررًا (المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 1996 إلى مواد القانون رقم 31 لسنة 1970 المعدِّل لبعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة1960)، على عقوبة الحبس والعزل لكل موظف عام مختص يمتنع عمدًا عن تنفيذ حكم قضائي واجب النفاذ، بعد مضي ثلاثين يومًا من انذاره، والحبس والغرامة أو إحداهما إذا استعمل الموظف سلطته في وقف تنفيذ الحكم، وذلك كله مع مراعاة حكم الفقرة الخامسة من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 بشأن إنشاء الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية، والتي تمنح الاختصاص لهذه الدائرة بنظر منازعات الافراد والهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية.
لذا مسألة تنفيذ الحكم القضائي من المسائل الشائكة وإن كان القضاء الفرنسي اجاز عدم تنفيذ الاحكام في بعض الحالات حفاظا على النظام العام وإن كانت هذه الدعوى على ما فيها من اثار تمس ما يزيد عن 500 شخص إلا أن مسألة تطبيق المبدأ السابق مثار استبعاد لشدة البطلان الذي صاحب قرارات التعيين مع الاقرار بوجود العديد من الكفاءات التي قد يكون في مساساها نظر ولكن يصعب مع شدة البطلان ان يتولى القضاء عملية التصفية بين من يستحق ومن لا يستحق باعتبارها اعمالا ادارية بحتة.

*خاتمة:

لا شك ان الحكم يستحق المزيد من التعليق ولكن رغبة في عدم الاسهاب الممل سنترك الاضافات لدراسة مستقبلية حول هذا الحكم وما تعلق به. ويتبقى تساؤل أخير من قبل العديد من الشباب ان الحكم انتصر للمشروعية ولكن هل انتصر فقط على حساب الشباب سواء من شغل الوظيفة أو الطاعنة فقط؟ ماذا عن من اصدر القرارات وشارك فيها؟ ما هي مسئوليته الجزائية او الادارية أو المدنية؟ لأن الحكم وإن كان رادع للإدارة ولكن ما هي كلفة الادارة تجاه الحكم وكيف سيتم ردع كل من تولى مسئولبة إزاء اصدار تلك القرارات المنعدمة التي تصدر يوميا في مختلف القطاعات فنحن أمام مسئولية مجتمعية وأخلافية تحتم علينا أن يتحمل كل مخطئ مسئوليته مهما علا شأنه ولا أن يدفع تلك التكلفة فقط الشباب الساعي سواء كان مستحق أو غير مستحق.

أستاذ القانون الدستوري د.فواز الجدعي