سبر أكاديميا

انتخابات اتحاد طلبة الكويت فرع الولايات المتحدة.. وجولة ضد الفساد

تتجه أنظار الشارع السياسي الكويتي يوم الجمعة الموافق ٢٩ نوفمبر إلى مدينة ساندييغو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية لمتابعة أحداث مؤتمر اتحاد طلبة الكويت فرع الولايات المتحدة السادس والثلاثون وعلى رأسها انتخابات الهيئة الإدارية للاتحاد الوطني والذي تتنافس على مقاعده ثلاثة قوائم: المستقبل الطلابي التي قادت دفة الاتحاد عامي ٢٠١٧ و ٢٠١٨، والوحدة الطلابية التي استعادت الاتحاد العام الماضي، ومستقلة أمريكا

منذ تولي قائمة المستقبل الطلابي – التي تمثل الفكر المحافظ – دفة الاتحاد الوطني قبل ٣ أعوام، لم تعد المنافسة الطلابية صراعا فكريا ولا تنافسا طلابيا بل تحولت إلى صراعات سياسية من قبل التجار وأصحاب السلطة والنفوذ للسيطرة على كافة مؤسسات الدولة بما فيها الاتحادات الطلابية. لذا هي انتخابات للحفاظ على استقلالية الحركة الطلابية من تدخلات التجار وأصحاب السلطة والنفوذ بعد أن استولوا على السلطة التشريعية وغرفة التجارة ومؤسسات الدولة والبنوك والاتحادات الرياضية والأندية إلى أن وصل الأمر الى الاتحادات الطلابية في الكويت وخارجها من خلال ضخ الأموال لتسهيل أوضاعهم الانتخابية واستغلال نفوذهم في السلطة لتلبية مطالب اتحادهم فقد سبق وأن تم اقرار سلسلة من القرارات التعسفية فور وصول قائمة المستقبل الطلابي للاتحاد مثل حظر أكثر من ٧٠ جامعة وإقرار شرط اختبار اللغة لكل مبتعث مما أدى إلى تقليص عدد المبتعثين بنسبة تزيد عن ال٤٠٪؜ بالإضافة إلى تحريك أدواتهم الإعلامية لإقصاء كل من يحاول وضع حد لهيمنتهم وكل من يحاول عرقلة أبنائهم وممثلي توجهاتهم في الانتخابات الطلابية.

يقام المؤتمر هذا العام برعاية من رئيس مجلس الوزراء الأسبق الذي أوقف دعمه عن الاتحاد منذ عدة أعوام بل وأنه رفض مقابلة الاتحاد السابق بقيادة قائمة المستقبل الطلابي بعد سلسلة من المحاولات ولكنه يعود ليكون راعيا رسميا لهذا المؤتمر وما هذا إلا مثال بسيط على انتقائية الحكومة في دعمها للاتحادات الطلابية حيث أنها تدعم جهة دون الأخرى وقد سبق أن اتصل على الهيئة الإدارية سكرتيرا لأحد الوزراء أثناء قيادة قائمة المستقبل الطلابي للاتحاد لإبلاغهم بأن الوزير “الفلاني” مستعد “لإقناع رئيس الوزراء بدعم مؤتمرهم السنوي في حال إلغائهم بعض ضيوف الندوة الرياضية” الذين كانوا يسببون إزعاجا للحكومة ولرئيس المجلس مثل الإعلامي “ع.ع” والسيد “ي.ب” واستبدالهم بصديقهم “ص.م” والمذيع “م.م” ولهذا السبب تفضل الحكومة دعم القائمة التي تسير على نهجها وتلبي مطالبها وتخدم مصالحها.

لم تكتفِ السلطة بوقف الدعم بل تدخلت بانتخابات الطلبة التي من المفترض أن تكون مستقلة عن الجهات الحكومية. ففي الانتخابات السابقة تم تشكيل لجنة من وزير التربية لمراقبة الانتخابات الطلابية وهو نفس الوزير الذي قال في 2017 بأن “الانتخابات مستقلة ولا نتدخل فيها..” وقد تحركت أيضا اللجنة التعليمية في مجلس الأمة لتشكيل لجنة حكومية للتدخل في شؤون انتخابات الطلبة – حسب ما أفاد النائب الدكتور خليل أبل.

وعلى الصعيد الإعلامي، تحركت الصحف المحلية لتشويه سمعة الاتحاد السابق بقيادة المستقبل الطلابي عن طريق تدليس بعض الأخبار العارية عن الصحة فعلى سبيل المثال ذكرت صحيفة “السياسة” بأن “الإخوان تسطوا على اتحاد أمريكا بالتزوير” علما بأن الخبر قد نُشر قبل أن تفتح صناديق الاقتراع وغيرها من الصحف التي أطلقت “مانشيتات” عريضة تهاجم الاتحاد السابق بانحياز تام ومن غير نقل لوجهات النظر الأخرى بالإضافة الى وجود كتاب بصحف محسوبة على “السلطة” ينقلون أخبارهم بانتقائية وانحياز.

وفي الساحة السياسية، شن بعض النواب مثل راكان النصف وأحمد الفضل ويوسف الفضالة وبعض المغردين المحسوبين على السلطة مثل “حساب المجلس” – هجوماً عنيفا على الاتحاد السابق ودعوا إلى تدخل الحكومة بل و وصل الأمر الى أن يدعو النائب يوسف الفضالة الشركات الراعية “لإعادة النظر في دعمها للاتحاد” وهدد النائب أحمد الفضل بـأن الاتحاد السابق – بقيادة المستقبل – سيكون هدفه القادم “لتفكيكه” ولم تتوقف الحسابات المرتزقة عن التشكيك والطعن في ذمم الاتحاد بقيادة المستقبل على مدار العام ونقل أخبار كاذبة من شأنها تشويه سمعة الاتحاد أمام الطلبة.

أما بخصوص الشركات الراعية، فقد تكالبت الشركات الكبرى والبنوك على الاتحاد بقيادة المستقبل الطلابي والتي تملك الحكومة حصصا في بعضها لوقف الدعم حيث اتصل بعض المسؤولين في هذه الشركات والبنوك التي كانت ترعى الاتحادات السابقة بقيادة القائمة الأخرى على أحد رعاة الاتحاد الرئيسيين فور نجاح المستقبل الطلابي بالانتخابات في نوفمبر ٢٠١٦ طالبين منهم إيقاف رعايتهم المستمرة للاتحاد بل أن بعض الشركات رفضت حتى مقابلة أعضاء الهيئة الإدارية ومنها بنك (يقوده بعض أصحاب السلطة) يرعى الاتحاد الحالي (لم نستطع حتى مقابلتهم) وشركة اتصالات عريقة فاتضح ان لهم أجندة خاصة حيث أنهم يستخدمون مؤسساتهم لدعم فئة من أبنائهم الذين يمثلون توجهاتهم وبأنهم يحاربون الفكر المحافظ متمثلا بقائمة المستقبل الطلابي. واليوم نراهم أول الداعمين للاتحاد الحالي بقيادة قائمة الوحدة الطلابية. وبعد سلسلة من المحاولات، انتهزت شركة اتصالات أخرى هذه الفرصة وقبلت بدعم الاتحاد بقيادة المستقبل الطلابي بعشرة آلاف دينار ولكن بعد أن عرض الاتحاد مقابلة استضاف فيها النائب السابق مسلم البراك اتصلت الشركة بأعضاء الهيئة الإدارية وأبلغتهم بالرفض. ولكن رغم تكالب الشركات علينا، وجب علينا الثناء والتقدير للشركات التي استمرت برعاية الاتحاد رغم كل الحملات التي تعرضت لها الهيئة الإدارية وعلى رأس تلك الشركات والمؤسسات جريدة الأنباء وصناعات الغانم وباقي الرعاة الذين أبو إلا أن يدعموا أبنائهم الطلبة بغض النظر عن إنتمائاتهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية.

لطالما كانت انتخابات اتحاد الطلبة فرع الولايات المتحدة نموذجا يحتذى به ومدرسة خرجت أجيالا من السياسيين والأكاديميين والقياديين من شتى التوجهات فقد كانت الخلافات فكرية وفنية إلى أن صارت في يومنا هذا صراعات سياسية تتدخل فيها الحكومة ونواب الأمة والتجار بنفوذهم وأموالهم وإعلامهم كأطراف لإنجاح القائمة التي تمثلهم.

وفي الختام، قد يتمكن الاتحاد الذي يملك ميزانية مليونية ونفوذا في مختلف الوزارات تسهيل أمور الطلبة وضمان “حقوقهم” الدراسية وتلبية احتياجاتهم ولكنه لن يملك صوتا حرا يقدم فيه مصلحة الوطن ويتخذ منه منبرا لمحاربة الفساد ونصرة قضايا الوطن مهما كلف الثمن فيجب ألا يقتصر دور الإتحادات الطلابية على خدمة الطلبة فقط، بل ضمان حقوقهم كمواطنين قبل أن يكونوا مبتعثين. لذا، سيكون للطلبة صوتاً أعلى من صوت الشركات والتجار والحكومة فنحن مستقبل هذا الوطن والتصويت سيحدد مستقبل هذا الجيل ما إذا كان جيلا واعيا لا يرضى بالفساد أو جيلا مغلوبا على أمره مسلما نفسه لهيمنة التجار والفاسدين على مؤسسات الدولة.

محمد جمال اليوسف
طالب دراسات عليا في جامعة جورج تاون – واشنطن