اقتصاد

انتصارات “داعش” الاقتصادية

هل نحن أمام دولة باتت لديها كل المقومات السياسية والاقتصادية والحربية وينقصها فقط فتح سفارات في الخارج؟ أم أننا أمام جماعة مسلحة و”تنظيم دولة” يسعى إلى تدمير المنطقة وتفتيتها إلى دويلات صغيرة، ويحاول العديد من دول العالم اجتثاثه من على ظهر الأرض، لأنه يشكل خطراً شديداً عليها وعلى المنطقة بالكامل؟.
السؤال مطروح على خلفية النجاحات الاقتصادية المفاجئة والمتواصلة التي يحققها تنظيم “داعش” كل يوم، فالتنظيم صكّ العملة وافتتح مصرفاً في مدينة الموصل العراقية، وأقر موازنة العام الحالي 2015 بفائض 250 مليون دولار، والأهم من ذلك أنه سيطر على آبار الغاز والنفط الكبرى في العراق وسورية، وتصدير إنتاجها إلى دول مجاورة أو بيعه في السوق السوداء الدولية، والبقية تأتي.
آخر نجاحات التنظيم الاقتصادية ما أعلنه من استئناف الإنتاج في مصانع الإسمنت والفوسفات والأسمدة المتوقفة في الأنبار، وإعادة تشغيل مصانع اللدائن والقطن والغاز في الموصل، بعد توقفها بسبب المعارك المسلحة.
لا أحد ينكر أن “داعش” يكسب أرضاً جديدة يوماً بعد يوم على المستوى الاقتصادي، وهو ما وفر له سيولة مادية تساعده في تمويل معركته ضد حكومتي العراق وسورية وقوات التحالف الدولي، وكذا منح رواتب للمقاتلين في صفوفه بقيمة 600 دولار شهرياً، بل والإنفاق على أسر المقاتلين والقتلى، ومن خلال المشروعات التي يعيد تشغيلها يستطيع التنظيم تحقيق نجاحات أخرى، منها توفير فرص عمل وإعادة تشغيل آلاف الشباب العاطلين الذين فشلت حكومتا سورية والعراق في توظيفهم.
وهو ما يوفر للتنظيم شعبية فقدتها الحكومتان، ومن خلال المصرف الذي افتتحه يستطيع التنظيم تمويل إقامة مشروعات ومنح قروض وتوفير التمويل للفئات الفقيرة.
التنظيم يريد من خلال حربه الاقتصادية والإعلامية أن يبعث برسالة إلى كل دول العالم، مفادها أن أركان الدولة يتم بناؤها، وبالتالي يجب أن تتعاملوا معي كدولة لا تنظيم دولة، وهنا تكمن الخطورة لأن التنظيم يحاول أن يرسخ أمراً واقعاً، يقول فيه إنه بات دولة تسيطر على جزء مهم من العراق وسورية، وربما غداً يضم مساحات من دول جوار أخرى.