اقتصاد

صندوق النقد: لا عجز مالياً في الكويت خلال 2017

أصدرت شركة كامكو تقريراً عن آفاق الاقتصاد العالمي، أشار إلى الإبقاء على توقّعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعامي 2016 و2017 من دون تغيير؛ إذ أبقى صندوق النقد الدولي في أحدث التقارير الصادرة عنه تحت عنوان «آفاق الاقتصاد العالمي» على النمو العالمي من دون تغيير لعامي 2016 و2017، وذلك بعد خفض توقعات النمو خلال عام 2016 أربع مرات متتالية خلال الفترة السابقة. حيث أبقى التقرير على معدلات النمو العالمي من دون تغيير لعامي 2016 و2017 بنسبتي 3.1 في المئة و3.4 في المئة، على التوالي. إلا أنه رغماً عن ذلك، فإن محركات النمو قد طرأ عليها تغّير، بتراجع نمو الاقتصادات المتقدمة بحوالي 20 نقطة أساس في عام 2016، في حين إن الاسواق الناشئة والاقتصادات النامية من المقدر أن تشهداً ارتفاعاً في معدلات النمو بمعدل 10 نقاط أساس لهذا العام.
يتطلب إحياء التجارة العالمية مستويات نمو أعلى وإصلاح السياسات؛ كان نمو النشاط التجاري العالمي سلبياً في عام 2015، للمرة الأولى منذ عام 2009، بتراجع بلغت نسبته 11.4 في المئة على أساس سنوي، حيث تأثر بضعف النشاط الاقتصادي وانخفاض الاستثمار. إلا انه رغماً عن ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو حجم التجارة العالمية في عامي 2016 و2017 بنسبتي 2.3 في المئة و3.8 في المئة، على التوالي.
هذا، وقد تراجع النشاط التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة أعلى بلغت 22.9 في المئة، على الرغم من بلوغ معدل نمو التجارة إلى الناتج المحلي الإجمالي 1.23 ضعف، وفقاً لتقديراتنا. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإنه من أجل أن نشهد انتعاشا في النشاط التجاري العالمي فإنه يستلزم ان ترتفع معدلات النمو، وينشط الاستثمار، وتنخفض تكاليف التجارة، وتطبق الإصلاحات اللازمة.
ستشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموّاً في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017، ووضع الكويت الأفضل من حيث ارتفاع السقف المالي والحساب الجاري: من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في عام 2017، وإن كان ارتفاعاً هامشياً بنسبة 0.1 في المئة، مع توقع ارتفاع معدلات النمو بنسبة 3.2 في المئة لكل من عامي 2016 و2017، في حين لم يطرأ تغيّر على معدلات نمو المملكة العربية السعودية لعامي 2016 و2017. كما انه من المتوقع ان يجري تعديل المعدلات المرتفعة السابقة لنمو دول مجلس التعاون الخليجي لتنخفض عن التقديرات السابقة، وذلك نظراً الى التعديل المالي المستمر المترتب على تراجع الإيرادات النفطية. إلا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للكويت قد ارتفع بمعدل 10 نقاط أساس لعام 2016، كما يتوقّع أن تعود الكويت إلى تحقيق فائض في الموازنة المالية لعام 2017. إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تحقق الكويت أعلى فائض في الحساب الجاري، من حيث الناتج المحلي الإجمالي على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لكل من عامي 2016 و2017، تليها الإمارات العربية المتحدة.
يؤكد تحديث صندوق النقد الدولي موقفنا على امتداد الوضع الحالي لدول مجلس التعاون الخليجي الى العام المقبل: إن المخاطر العالمية المتعلقة بتباطؤ الطلب على السلع، وتراجع الأنشطة التجارية، واحتياج الصين لفترة أطول لإعادة التوازن، واستمرار الاحتياطي الفدرالي في رفع أسعار الفائدة للمرة الثانية، كل تلك العوامل لا تزال مستمرة وفقاً لصندوق النقد الدولي. إلا انه رغماً عن ذلك، فإن تأخر وقوع بعض عوامل الخطر العالمية خلال عام 2016 قد يكون له أثر في دول مجلس التعاون الخليجي وفقاً لوجهة نظرنا. ومع استبعاد انحسار أي من تلك المخاطر المحتمل وقوعها خلال العام الحالي، الأمر الذي يدعم رؤية بحوث «كامكو» بأن العملية الانتقالية التي تمر بها دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة الحالية من خلال الأعمال المالية والسياسية من المرجح أن تمتد إلى عام 2017.
على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جرى الإبقاء على توقعات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017 لدول مجلس التعاون الخليجي الرئيسية من دون تغيير يذكر، باستثناء دولة الإمارات العربية المتحدة. حيث تراجع إجمالي الناتج المحلي للإمارات بمعدل 10 نقاط أساس للعام المقبل، وصولاً إلى نسبة 2.5 في المئة. في حين استقرت توقعات النمو الخاصة بالمملكة العربية السعودية لكلتا السنتين، نظراً الى عدم تغيّر خلفية الأحداث والعوامل المؤثرة في النمو عن التحديث السابق، التي تضمنت تراجع العائدات النفطية وانخفاض السيولة في القطاع المالي. ومن المتوقع أن تشهد السعودية نموّاً بنسبة 1.2 في المئة في عام 2016، ثم ترتفع في أعقاب ذلك إلى نسبة 2 في المئة في العام التالي. في حين يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لقطر بمعدل أبطأ يصل إلى نسبة 2.6 في المئة مقابل التوقعات السابقة ببلوغه نسبة 3.4 في المئة لعام 2016، بينما تم رفع توقعات نمو الناتج المحلي الاجمالي الكويتي إلى نسبة 2.5 في المئة لنفس العام. أما توقعات نمو عام 2017 لكلا البلدين فلم يطرأ عليها أي تغيير. كذلك انخفض النشاط التجاري في دول مجلس التعاون الخليجي على غرار اتجاهات التجارة العالمية، حيث بلغت التجارة بالدولار 1.39 تريليون دولار أميركي في عام 2015 مقابل 1.80 تريليون دولار أميركي في عام 2014. هذا وقد تأثر النشاط التجاري في دول مجلس التعاون الخليجي بشدة بأسعار النفط لأسباب مفهومة، حيث شكل أكثر قليلا من نسبة 3 في المئة من التجارة العالمية، وهو الاتجاه الذي ظل ثابتا منذ عام 2008.
ومن المتوقع استمرار الاستجابات المالية المتمثلة في تطوير مصادر جديدة للإيرادات وتخفيض الإنفاق لمواجهة انخفاض الايرادات المالية النفطية للدولة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، مع توقع تحقيق عجز مالي في عام 2017 في جميع الدول في ما عدا الكويت. حيث انه من المتوقع أن تحقق الكويت فائضاً في الموازنة المالية بنسبة 3.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017، في أعقاب تحقيق عجز مالي متوقّع بنحو 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016.
قام صندوق النقد الدولي بتعديل عجز الحساب الجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، كل على حدة، برفعه في عامي 2016 و2017 على الرغم من استقرار أسعار النفط مقارنة بالتحديث السابق. حيث بلغ متوسط رفع التوقعات الحالية المتعلقة بالحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016 لدول مجلس التعاون الخليجي نسبة +3.2 في المئة، في حين تم تعديل نسبة عام 2017 الى +3.4 في المئة.
هذا، وقد سجلت الكويت أعلى تقدير لنسبة الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي والعام التالي، كما جاء تقدير عام 2016 بنسبة 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين يتوقع أن يرتفع إلى نسبة 8.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017. كما شهدت الإمارات العربية المتحدة فائضاً في الحساب الجاري، وإن كان بمعدل أقل، مع توقّع بلوغ معدل الحساب الجاري من الناتج المحلي الإجمالي إلى نسبة 1.1 في المئة في عام 2016، وارتفاعها أكثر في عام 2017 إلى نسبة 3.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن المتوقع أن تكون توقعات التضخم لدول مجلس التعاون الخليجي إيجابية خلال العام الحالي والعام المقبل، بمتوسط بلغ نسبة 3.1 في المئة لعام 2016، وحوالي 3 في المئة لعام 2017. في حين إن توقعات التضخم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل يتوقع أن تكون أقوى بنسبة 5.4 في المئة و6.1 في المئة لعامي 2016 و2017، على التوالي، ما يحد من أي مخاطر انكماشية في المنطقة.